“جرح الأحياء” بقلم سعاد اكرام

صرخة27 مارس 2019
صرخة
الرأي
“جرح الأحياء” بقلم سعاد اكرام
سعاد اكرام

لم أستطع إخراج تلك الشوكة التي علقت في حلقي منذ أعوام خلت والتي أقفلت فمي بآلاف الاقفال الموصدة وغيرت الكثير من صفاتي.. داخل كل إنسان حياة أخرى يخفيها داخل كل إنسان سر يذرف من عينيه ليملأ قلبه بجرح لا يعرف الشفاء، بداخل كل منا نار أشعلت على غياب قريب، لن تطفأها دموع العين مهما بكينا، نار مهما حاولنا التعبير عنها بالكلمات وبكل اللغات وجميع اللهجات ليفهمها الكون بأكمله لن تكون سوى صدى يرتد في أعماق آذاننا ممزوج بقطرات تنهمر من العين مع سدول الليل أو صمت يخترقنا طوال اليوم.

صحيح انه قدر الله ولا مفر منه بل اننا نؤمن به لكنها مشاعر تتحكم فينا تعبر في غياب الكلمات فينا تبعدنا عن فعل أشياء لطالما احببناها وعن أماكن لطالما إرتدناها فقط لأنها تذكرنا بهم ..مشاعر تضعنا داخل قوقعة بالكاد تتسع لنبضة قلب ضعيف لتكون سببا في تغير طباعنا ،تصرفاتنا وحتى شخصيتنا.. الموت راحة لمن فقدناهم ووجع موغل لنا هذا الوجع بالضبط لطالما حاولت أن أعبر عنه لكن دون جدوى في كل محاولة تتبعثر أفكاري فأهجر قلمي من جديد حاولت ولازلت أحاول حتى الآن أن أصفه كلما إستحضرت احبابا غادروني لدنيا آمنة تضرب لي موعدا يوما ما فالحمد لله على نعمة النسيان التي تخفف عنا ولع الفراق…أنتم أيضا تصابون بذلك الألم والحنين، كلما إستحضرت ذاكرتكم أشخاصا غادروكم دون سابق إنذار هل احسستم بالجرح الذي أحاول أن أصفه الآن ؟ …وكأن أفكاري في صراع أبدي مع قلمي كلما حاولت تحريكه عصى وأبى أن ينغمس في سباته أكثر.

بأعماق كل منا إنسان يتمنى لو عاد به الزمن إلى الوراء ليقبل كف أبيه ويشكره على كل قطرة عرق أسالها جبينه لأجله …ليصرخ معتذرا آسف يا أماه على لحظة تعالت فيها أصواتنا.. ليصارح أخاه انه العون والسند رغم دوام الاختلاف…ليفهم أختا ان تانيبه لم يكن سوى خوف عليها من حياة كثر فيها الذئاب، أن يشكر صديقا لوفائه في زمن قل فيه الأوفياء، فما أصعب ان تذرف الدموع لهكذا اسباب ولكن لعذاب الضمير وللندم على مافات …تختلف احاسيسنا من حين لآخر لكن تبقى حياتنا مستمرة فلنعشها بهدوء إلى أن يحين دورنا فنصبح ذكرى جميلة تلفها دعوات صادقة من قلوب اناس احبونا بصدقق؛ فالموت حق وما به من عار والحياة قصيرة مهما إسطالت الأعمار فلا تسمح لموج الحزن ان يغرق مركبك ويحطم مجذافك ، واجهه بابتسامة ونسيان لأنك وحدك البحار إما أن تصل للضفة أو تغرق في أعماق الأحزان…

آسفة لأن عودتي للكتابة كانت حزينة بعد طول غياب لكن هيجان تلك الاحاسيس بعثر حروف كلماتي وشتت ترتيب أفكاري كلما حاولت جمعها ، فقد بكيت طوال سنين مضت مجروحة الفؤاذ وبدمع نازف مختبئ خلف إبتسامة مختلطة المعاني على أقارب ذهلت لرحيلهم عن محيطي ،لكن روحهم الطاهرة ظلت وستظل حاضرة معي ماحييت … رحمكم المولى عز وجل و إليكم مني السلام

الاخبار العاجلة