معسكرات ومسابقات أوروبا .. “طَوْقُ نجاةِ” الرياضيين المغاربة

صرخة17 أغسطس 2018
صرخة
أخبار وطنيةالرئيسية
معسكرات ومسابقات أوروبا .. “طَوْقُ نجاةِ” الرياضيين المغاربة

أيوب رفيق

إذا كانت المُعسكرات الخارجية، والمسابقات الدولية، مواعيد يتَّخِذُها الرياضيون الأجانب كأداةٍ للرَّفع من منسوب جاهزيتهم، ومحافلَ لإعلاء العلم الوطني لبُلدانهم، فإن الكثير من الرياضيين المغاربة صاروا ينظرون إلى هذه المناسبات كـ”طوق نجاة”، و”منفذٍ” يَعْبُرُ بِهِم إلى آفاقٍ اجتماعية ومهنية أرحب وأوسع.

تنظيم تربُّصاتٍ إعدادية أو إقامة منافسات إقليمية أو دولية في دول القارة العجوز، دافِعٌ كافٍ صار يُقْنِعُ المغاربة بوجوب “التَّضحية” بمسارهم الرياضي في بلدهم، في سبيل الالتحاق بـ”الفردوس الأوروبي”، علَّهُم يُدْرِكون ما عجزوا عن تحقيقه في أرض الوطن في مجال نشاطهم.

مريم بوحيد، لاعبة المنتخب الوطني النسوي، آخر المُلتحقات بـ”جحافل” “الفارِّين” إلى أوروبا، والَّتي اغْتَنمت إجراء معسكر بالديار الإسبانية، كي تمْكُثَ هناك بصفة نهائية، وتتخلَّف عن العودة رفقة البعثة إلى المغرب، عقب انقضاء التربص الذي أُقيم هناك.

“فرار” الرياضيين المغاربة .. سيناريو مُتكرِّر

ليست لاعبة أولمبيك أسفي، بوحيد، التي توارت عن أنظار أفراد المنتخب النسوي لأقل من 20 سنة، لدى عودتهم إلى المغرب، الحالة الوحيدة أو الشَّاذة في تاريخ الرياضة الوطنية، بل سَبِقَها إلى ذلك عشرات المُمارسين الذين انْطلقوا ليهيموا على وُجوهِهِم في القارة الأوروبية، بحثاً عن مساراتٍ أفضل.

قبل شهريْن فقط، اختار المصارعون الثلاثة إبراهيم بورقية وأيوب حنين ثم أنور تانغو استغلال مشاركتهم في دورة “الألعاب المتوسطية” بطاراغونا الإسبانية، ليفِرُّوا بـ”جِلْدْهم” من “قبضة” مسؤولي البعثة، مُحاولين تدشين عهد جديد في مسيرتهم الرياضية وكذلك الشخصية.

كما يحتفظ سِجِلُّ الرياضة المغربية بـ”حريك” خمسة ملاكمين مغاربة إلى صربيا، سنة 2015، مُستغلين خوضهم لمنافسات كأس العالم لـ”الكيك بوكسينغ”، فضلاً عن لاعبيْن من المنتخب الوطني لكرة اليد بقوا في إسبانيا، شهر يناير المنصرم، حينما أقام “الأسود” تربصا تحضيراً لنهائيات كأس أمم إفريقيا.

ويشهد تاريخ الرياضة الوطنية على حالات أخرى مُماثلة ظلَّت تتكرر مع تواتر السنوات، حيث يُعد القاسم المشترك بالنسبة لها هو رغبة الرياضيين في تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وقص شريط مسيرة رياضية جديدة تُحاط بها كافة الظروف والوسائل اللوجيستيكية والمادية المُلائمة، بخلاف الأجواء التي لا تُساعدهم على البذل والعطاء في وطنهم.

“الهروب” من ظروف اجتماعية “قاهرة”

ثمَّةَ الكثير من المُبرِّرات التي يسوغ بها الرياضيون المعنيون بالأمر خطوة إقدامهم على التخلف عن العودة إلى أرض الوطن، والبقاء في القارة الأوروبية، أهمها ما يرتبط بالجانب الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك ما هو متعلق بمشوارهم الرياضي، الذي يتَّسِمُ بضيقٍ للأفق في بلدهم الأصلي.

ويقول أيوب حنين، المُصارع الذي قرّر البقاء في إسبانيا، قبل شهريْن، على هامش المشاركة في “الألعاب المتوسطية”: “لن أعود إلى المغرب، رغم أنني تركت والدتي بمفردها، أما أبي فهو متوفى، أنا أبحث عن مستقبلي هنا، المصارعة في الوطن لم تمنحني أي شيء، المسؤولون ينهبون من عرقنا ويتلاعبون بنا”.

أما زميله، أنور تانغو، فقد أوضح بعد خطوة الهروب، بالقول: “نحن نعاني الأمريْن في رياضة المصارعة، ليس لدينا أية مرتبات، نضطر إلى العمل وقد ضحّينا بدراستنا من أجل الرياضة”، مُردفاً: “نعيش تهميشاً وحُكرةً، نُمنع من دخول المركز الرياضي بالجديدة لسببٍ غريب هو أنا أرجلنا مُتَّسِخة”.

فيما تسرد مريم بوحيد بواعث الهرب إلى إسبانيا، في حديثها إلى “وكالة الأنباء الفرنسية”، بالقول: “أريد تغيير حياتي، ولا أود العودة إلى المغرب”، في الوقت الذي حاول فيه رئيسها في أولمبيك أسفي، مصطفى بنسليمان، إبراز “عدم صواب” قرارها، ذلك أنها “كانت تتقاضى 6000 درهم شهرياً داخل الفريق”.

إجراءات “مُحتشمة” من طرف المسؤولين

اقتصرت ردود أفعال الجِهات الوصية والمعنية بالرياضة المغربية على فتح تحقيقات لا تتبيُّن نتائجها في الغالب، وإبلاغ السفارات المتواجدة في البلدان التي فر إليها الرياضيون، لكن دون أن تعقبها تشريح هذا الموضوع وفتح نقاش وطني حوله، من أجل الإحاطة بالأسباب والملابسات التي تُحيط بهروب الرياضيين.

كما يستعمل المسؤولون لغة الشَّجب والاستنكار إزاء الخطوة التي يُقدِم عليها الرياضيون المغاربة، مُعتبرين أن هؤلاء يتلقون أجوراً جيدة تضمن لهم العيش الكريم في وطنهم، مثلما قاله رئيس أولمبيك أسفي، مصطفى بنسليمان، وهو ما يُفنِّده عدد كبير من الرياضيين الذين يُردِّدون الظروف المزرية التي يُمارسون فيها.

الاخبار العاجلة