تعدُّد الزوجات.. شهوة ذُكورية أم شريعة إسلامية أم تهرب من الفساد و زواج الفاتحة؟

صرخة13 أكتوبر 2021
صرخة
ركن المرأة والصحة
تعدُّد الزوجات.. شهوة ذُكورية أم شريعة إسلامية أم تهرب من الفساد و زواج الفاتحة؟

 في المغرب لا يمكن في غالب الأحيان التحدث عن تتعدد الزوجات، أو أن فلانا عدد من زوجاته إلا بصوت منخفض وكأن الأمر يتعلق بجريمة يعاقب عليها القانون أو محرم شرعا، حيث يلجأ الراغبون في التعدد إلى بحر السرية ولا يعلنون زواجهم الثاني الذي يتم غالبا في السر “خفية” ،وحجتهم في ذالك تفادي غضب الزوجة الأولى والخوف من مطالبتها بالتطليق وما يترتب عن ذالك من مشاكل أسرية وخاصة في حالة وجود الأبناء، لأجل ذالك يفضل الراغبون في الزواج الثاني الذي يتم بالفاتحة أو بوسائل احتيالية عن القانون مع التزام الصمت والسرية.

لا تعد ظاهرة تعدد الزوجات دخيلة على المجتمع المغربي، بل هي من صميم الشريعة الإسلامية، فمن التقاليد المجتمعية المغربية منذ القدم أن يعدد الرجل زوجاته او زيجاته ويسكنهن في نفس البيت، حيث نجد الرجل يتزوج مثنى وثلاث ورباع ولا يرتبط الامر بقدراته المادية والمعنوية ولا جاهه ،ولا لوجود عيب في زوجته الأولى والذي يبرر زيجته بأخرى من قبيل الرغبة الجنسية أو العقم وغيره.

والملاحظ أخيرا انه رغم وضع مدونة الأسرة لعدة شروط التي يعتبرها البعض تعجيزية للزواج بامرأة ثانية ،هناك من الأزواج من يعدد تحت ستارة الزواج ب “الفاتحة” أو يحصل على شهادة العزوبة ويتزوج كأنه في الأصل غير متزوج ،وهكذا فإن شرط موافقة الزوجة الأولى للتعدد لا يكبل أيدي الرجل المغربي.

مدونة الأسرة والتعدد

منع المشرع المغربي التعدد من خلال مدونة الأسرة في عدة حالات : تعتبر الزيادة في عدد الزوجات المسموح بها شرعا من الموانع المؤقتة للزواج حسب المادة 39 من مدونة الأسرة ، كما يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات في حالة وجود شرط في العقد يمنع التزوج على الزوجة “المادة 40”.
وبناء على الرأي الذي يرى ان الأصل هو الاقتصار على زوجة واحدة مصداقا لقوله تعالى “فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة او ما ملكت أيمانكم…” وقوله عز وجل “ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم…” فالتعدد لا يسمح به القاضي إلا إذا كانت هناك أسباب ودواعي حقيقية موضوعية واستثنائية ، مثلا إذا كانت الزوجة عقيم والزوج يرغب ان يكون له أطفال ،أو أصيبت الزوجة بمرض لا يتأتى معه أداء الوظيفة الجنسية على الوجه الأكمل وكذالك إذا لم تكن لطالب التعدد الموارد الكافية لإعالة أسرتين أو أكثر وضمان جميع الحقوق من نفقة و إسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة الزوجية .

حالات إذن المحكمة بالتعدد

نصت مداونة الأسرة في المادة 42 على انه في حالة وجود شرط الامتناع عن التعدد ،يقدم الراغب فيه في طلب الإذن بذالك إلى المحكمة ،ويجب إن يتضمن الطلب بيان الأسباب الموضوعية الاستثنائية المبررة له ، وان يكون مرفقا بإقرارعن وضعيته المادية.
وفي حالة الإذن بالتعدد فإنه لا يتم العقد على المراد التزوج بها إلا بعد إشعارها من طرف القاضي بأن من يريد الزواج بها متزوج بغيرها ورضاها بذالك ، ويتضمن هذا الإشعار التعبير عن الرضي او الرفض في محضر رسمي “المادة 46”.

 حقوق الزوجة المراد التزوج عليها

صونا لكرامة المرأة التي تعتبر من مقاصد الشريعة الإسلامية فقد ضمنت مدونة الأسرة عدة حقوق للزوجة المراد التزوج عليها من خلال المقتضيات التالية :
استدعائها لحضور الجلسة في المحكمة من أجل معرفة رغبة زوجها في التزوج عليها طبقا للمادة 43 من مدونة الأسرة .

توفر مدونة الأسرة الحماية الكاملة للزوجة المراد التزوج عليها في حالة إقدام الزوج على تضليل العدالة عند تقديمه بسوء نية لعنوان غير صحيح أو تحريف في إسم الزوجة حيث تطبق على الزوج عقوبة جنائية ويخضع لمقتضيات الفصل 361 من القانون الجنائي بناءا على طلب الزوجة المتضررة .

إذا أرادت الزوجة المراد التزوج عليها المطالبة بالتطليق بصدور حكم من المحكمة يقضي بانتهاء الرابطة الزوجية فإن المحكمة تضمن للزوجة ولأولادها جميع حقوقهم المالية.

كم يحق للزوجة المراد التزوج عليها بأن تلجئ إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97 من مدونة الأسرة ،إذا لم تقبل بالتزوج عليها بينما الزوج يصر على طلبه كما جاء في “المادة 45 الفقرة الأخيرة ” .

تضييق الخناق

وضعت مدونة الأسرة شروطا ليسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية ،متى وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدل ، شروط يجدها بعض الرجال بمثابة الخناق الذي ضيع حقهم في التعدد، وللتهرب وجدوا في زواج “الفاتحة” مخرجا لهم ولو بالتحايل على القانون ، ما دام زواجهم يستوفي الشروط الشرعية من رضا لطرفين الزوج والزوجة ووجود الوالي ، من اجل علاقة زوجية تبعدهم عن الحرام و طريق الشيطان “العلاقات الغير شرعية” وفي الوقت نفسه لا تترتب عنه أي إلتزامات قانونية .

كما انه لا تجد الكثير من النساء مانعا في قبول هذا النوع من الزواج ،للهرب من شبح “العنوسة “بالنسبة للأغلبية منهن ، أو عدم التفريط في زوج مقتدر رومانسي حنون اختار الارتباط في الحلال ، سواء كن متعلمات ذوات مستوى تعليمي عالي أو محدود ميسورات أو فقيرات .

بين رافض ومؤيد ، فأن الوضع ساهم في ارتفاع نسبة الإقبال على الزواج ب”الفاتحة” ليعود إلى منصة المحاكم بعد سنوات من غياب.

الاخبار العاجلة