تغيرت الأحوال العادات وانقلبت القيم والمواقف، وطعت المبادئ والقناعات، فضاعت البوصلة وصرف الانتباه عن القضايا الرئيسية الت تهم المواطن وترهن مستقبله ومستقبل أبناءه ومستقبل الأجيال اللاحقة وتنمية البلد.
ويثار الانتقاد على أن كل الجهود التي بذلت والتراكمات التي أسست وضحى من أجلها الكثيرون، حولها اليوم”إعلاميون” إلى “تفاهة”، فلم يعد لمبادئ المهنية والمصداقة والمسؤولية معنى ومبنى، في مقابل “الإسفاف” و”الرداءة”و”التمويه” وتزييف الوقائع” لنسج صورة غير واقعية تجعل “النذل النموذج المثالي العفيف المصلح المنقذ، وغيره في صورة المعارض الرافض للإصلاح والتغيير”.
يبعون للمشاهد والمتلقي “الوهم” فيسوقونه ويسوغونه مع “تجار الإعلام” و”محب الفرقعات الإعلامية” لإظهار الوجه الصالح المصلح، الخفي المندس المتفن في الداخل، من دون حياء واستشعار بالمسؤولية التي تقع على المنمق (بتشدد الميم الثانية وكسرها) والمنمق (بتشديد اليم الثانية وفتحها) في تبادل مقرف للأدوار، ومحاولة لتكريس “نظام التفاهة”، كما قال ألان دونو.
قراءة بسيطة فيما يحصل، يؤكد أن تمت فراغ لما ينتج، فمن لا يستطيع أن يتحمل المسؤولية يحال أن يظهر للآخر بأنه “مبهر” يسوق الأوهام ويسوغها، و”إعلامي” غير مقتنع بنبل رسالة صاحبة الجلالة فينبطح أمام واقع مكلوم، إما لأن تمت مصالح له ينتفع بها وعليها حالا ومآلا ومستقبلا، أو لعدم كفاءته في طرح أسئلة عميقة وملتهبة عن التدبير وأوجهه، وعن الفساد واختلالاته، وعن قضايا المجتمع ورهاناته وانتظاراته التي “يحلم” بها.
بالأمس ، تم في أوروبا إطلاق حملة للحد من الظاهرة حملت عنوان “توقفوا عن جعل الحمقى مشاهير”. واقعنا المكلوم يعج بأمثال هؤلاء الذين لا يتعدى كلامهم “حويصلاتهم الضيقة”، ولا يصل إلى من يعقلون الواقع ويتلمسون آلامه كل لحظة وساعة ويوم وليلة.
وسط حلم المواطن وانتظاراته لا بد لمثل ليل أمثال هؤلاء أن ينجلي، وتظهر الحقيقة وينكسف زيف الكذب والخداع والتملق والتلصص، فستحتضر المسؤولية والمصلحة الفضلى لعباد الله في الأرض، إن لم يكن اليوم هنا، فغدا هناك. وإن غدا لناظره قريب.