رغم المجهودات التي قام بها المغرب في إطار حماية البيئة والالتزام بما تقرر من مقتضيات في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “COP22″المنعقد بالمغرب ، لازالت بعض الجهات النافذة تعبث بالبيئة وتدمرها من خلال ممارسات بشعة مسببة أضرارا جسيمة بها، منها الاستغلال العشوائي لمقالع الرمال، والاستغلال المفرط الذي يمتد لتجاوز الحدود المسموح بها قانونا،في ظل غياب آو ضعف مراقبة موازية تُلزم أرباب هذه المقالع باحترام ماهو منصوص عليه في دفاتر التحملات .
وفي هذا السياق توصلت الجريدة بنسخ من المراسلات والمعاينات والخبرات لجمعية شباب لارويين بإقليم شيشاوة ممثلة ساكنة المنطقة يلتمسون من خلالها رفع الضررالذي أحدثته شركة العراقي (STMS)المستغلة لمقالع الرمال في واد بولخراص ،ومطالبة السلطات بعدم الترخيص من جديد لنفس الشركة والاستمرار في الاستغلال المفرط والغير العقلاني للمقالع مع تفعيل وتنفيذ الغرامات المفروضة على هذه الشركة لعدم إحترامها دفتر التحملات بناءا على ماجاء في نتيجة البحث التي خلصت اليه مصالح مديرية الطرق والتجهيز.
وحسب ماهو مبين في مجموعة من الصور التي توصلت بها الجريدة، فإن حجم الضرر يتضح من خلال الاثار السلبية التي تظهرعلى الغطاء النباتي في المنطقة من خلال ظاهرة كثافة الغبار المتطاير الذي يؤدي إلى قتل عدد كبير من الأشجار ،ومساحات مختلفة من المزروعات، خضر وفواكه، وبعض المغروسات كأشجار الزيتون والتي يفوق عمر بعضها مائة سنة ، وعنب وتين وغيرها، الشيئ الذي تسبب في جفاف 11 عين للمياه ، وتدمر الفرشة والجيوب المائية.
ويشار الى أن مصالح وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك في غضون شهر أكتوبر 2019 وبعد مراسلات في هذا الشأن قامت ببعث لجنة مختلطة مكونة من ممثلي مديرية الطرق بالرباط والمديرية الجهوية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء بمراكش والمديرية الاقليمية بشيشاوة في زيارة الى المنطقة للوقوف على هذه التجاوزات والتي كشفت عن جملة من الخروقات ،وفي هذا الصدد توصلت الجريدة بنسخة من رسالة واردة من مديرية الطرق إلى المدير الجهوي للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء لمراكش آسفي، تحت عدد ugc.408.19، جاء فيها “تبعا للزيارة التي قام بها مسؤولون بمديرية الطرق إلى المديرية الإقليمية بشيشاوة، اتضح أن الشركة ترتكب خروقات عديدة متعلقة بتهيئة مقلعها، بعدم وضع أنصاب وتشوير وسياج محيط بالورش”.
وكشفت هذه الوثيقة، الموقعة من طرف مدير مديرية الطرق بوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عن جملة من الخروقات والتجاوزات الخطيرة من قبيل تجاوز صاحب المقلع المناطق المحددة للاستغلال وخرق المقتضيات المتعلقة بالمحافظة على البيئة، بالإضافة إلى خروقات أخرى متعلقة بمقتضيات دفاتر التحملات، خاصة عدم إنتظام سجلات الكميات المستخرجة وغياب ترقيم الصفحات، وعدم مطابقة وصولات الشحن للمعطيات المسجلة في السجلات المذكورة.
مما إستوجب بعث رسالة وجهتها الوزارة إلى صاحب المقلع تفيد أن اللجنة الوزارية الموفدة سجلت مجموعة من الخروقات، منها عدم وجود سياج محيط بالمكان، وتجاوز المنطقة المحددة للاستغلال، وعدم وجود تشوير، وعدم إحترام الشروط المحددة لكميات الرمال المستخرجة ،تجاوز العمق الملتزم به والمحدد حسب الدراسات التقنية، في مترين، إذ وصل عمق الحفر في بعض المواقع إلى أكثر من سبعة أمتار، كما هو الشأن قرب وادي “بولخراص”، بتراب إقليم شيشاوة.وتم إنذاره لتصحيح هذه الاختلالات الشيئ الذي لم يتم على أكمل وجه.
ومن أجل إثباث الضرر الحاصل قامت جمعية شباب لارويين بإقليم شيشاوة ،بإجراء معاينة بمعية مفوض قضائي بواسطة محضر قانوني مؤرخ في 11.11. 2019 ومحضر اخر مؤرخ في 07. 05. 2020 توصلت الجريدة بنسخ منهما ، حيث تمت معاينة وجود آثار الغبار على الأشجار الموجودة بضفاف وادي “بولخراص”، الشيء الذي أدى إلى جفافها ويبوستها ، ووجود أشغال جارية لإستخراج الاكياس في عمق 5 متر مع تحميله في شاحنات دون غطاء، كما تمت معاينة قطع الطريق المارة من الواد أمام سكان لارويين وجماعة المزوضية بسبب أشغال المقلع ،إضافة الى هذا قامت الساكنة بطلب إجراء خبرات لإثباث الضرر الحاصل في المنطقة وضمنته في محاضر رسمية.
هذا كله يوضح بلا شك أن الضرر بالغ وخطير وليس من المقبول، أن تستمر الشركات المعنية بعمليات إستغلال لا يراعى فيها حق السكان في أمنهم المائي والبيئي، خصوصا و أن آلاف الفلاحين يعتمدون في معيشتهم اليومية على إستغلال الفرشة المائية التي يوفرها الوادي في الفلاحة.
الجمعية المشتكية وصفت ما يقع في هذه المنطقة وبالتحديد في واد بولخراص بتدمير خطير للجيوب المائية بالمنطقة، وإضرار بالغ بالبيئة، حيث تنتشر سحب كثيفة من الغبار الناجم عن مرور الشاحنات بين منطقة الاستخراج ومحطة التكسير وأشغال الاستخراج، والتي تؤدي لامحالة الى حدوث مشاكل تنفسية للسكان وأضرار بالاراضي الفلاحية.
وتجدر الاشارة الى أنه تم بالموزاة مع ذلك تنظيم الساكنة لوقفة إحتجاجية بنفس الموقع الذي كان محط عشرات الشكايات من المواطنين بعد ترامي الشركة على أملاكهم على حد تعبيرهم بتجاوز المنطقة المستغلة قانونا.
وفي إطار المساعي التي بذلتها الساكنة لإيصال صوتها للمسؤولين تم عقد لقاءات ومراسلة العديد من الجهات المسؤولة بدءا بالسلطة المحلية بالمنطقة والكتابة العامة للعامل بشيشاوة والسيد عامل الاقليم ،المدير الاقليمي للتجهيز،المدير الجهوي للتجهيز،مديرية الطرق والتجهيز بالرباط،الحوض المائي لمراكش ،المديرية الجهوية للبيئة،المفتشية العامة لوزارة الداخلية،ديوان المظالم ،وزارة التجهيز،رئيس الشؤون القروية بعمالة شيشاوة،كما تم طلب لقاء السيد الوزير وطرق أبوابه عدة مرات التي ظلت موصدة في وجه ممثلي الساكنة وكان جواب الكتابة دائما “غير موجود” .
وفي سياق إستغلال السلطة والنفوذ في تجاوز القوانين الجاري بها العمل ، تتسائل الساكنة عن وجود ممثل شركة العراقي والذي يحضر دائما كعضو في اللجنة المكلفة بالتراخيص مما يتنافى مع كل الضوابط القانونية التي تلزم الحياد في إستغلال المقالع.
لهذا السبب ومن أجل إيجاد حلول عاجلة لحماية الملك العام من الاستغلال غير المشروع، وحماية الثرواث الطبيعية من الاستغلال المفرط في تحدي كل الضوابط القانونية ،تناشد جمعية شباب لارويين بإقليم شيشاوة المسؤولين عن القطاع وخصوصا وزارة التجهيز بإعتبارها صاحبة سلطة القرار لإتخاد كل التدابير الفعلية والقانونية من أجل إنصاف ساكنة منطقة واد بولخراص والحد من التحايل على القانون ،من أجل الترخيص لنفس الشركة في نفس الموقع وفي نفس الواد ،رغم الاجراءات المتخدة في حقها من غرامات مقيدة التنفيذ لحدود الساعة،ورغم إثباث الخروقات من طرف السلطات الوصية خصوصا وأن منطقة زاوية لارويين لديها ظهير شريف صادر في عهد محمد الخامس يوصي بالحفاظ على أراضيها من كل إعتداء.
الساكنة من جهتها تسائل المنتخبين (ممثلي الامة )في المنطقة الذين حازوا على ثقة المواطن ووعدوهم بالوقوف عن قرب الى جانبهم في حل مشاكلهم اليومية وهم أدرى بها،أين هم اليوم من الدفاع عن هذه المطالب ؟ وهل الحصانة البرلمانية وإستغلال النفوذ مبرر لتحدي كل العقوبات الزجرية في حق المخالفين ؟
من هنا تناشد الجمعية ممثلة الساكنة صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتدخل في هذا الملف المطلبي والزام الادارة بالنظر في هموم المواطنين إستنادا الى ما جاء في الخطاب الملكي حول إصلاح الادارة بمناسبة الذكرى 19لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين “إن قضايا المواطن لا تقبل التأجيل ولا الانتظار، لأنها لا ترتبط بفترة دون غيرها”. وقد جاء في نفس الخطاب الملكي :”إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات، هو خدمة المواطن، وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا.”
ويشار الى أن عدد من الجمعيات المجتمع المدني بالمناطق المجاورة حدت حذو جمعية شباب لارويين لمطالبة المسؤوليين من أجل إيقاف هذا النزيف البيئي ونظمت مسيرات احتجاجية نحو العمالة والولاية ،وقد سبق أن تناولت الصحف الوطنية هذا الموضوع لما له من أهمية مرتبطة بمصالح المواطنين وبمعيشهم اليومي الا ان الامر لازال على حاله، ولازال المواطنون مصممون على هذه المطالب التي يرونها مشروعة لأن مصالحهم متضررة وأراضيهم الفلاحية أضحت قاحلة ،مما سينعكس سلبا على مردوديتهم ودخلهم القار و بالتالي إعاقة التنمية الفلاحية في المنطقة.