أمام تردي الوضع القيمي داخل المجتمع المغربي،و انحلال الأخلاق الفاضلة التي كانت تتحلى بها كل أسرة مغربية،أبى مداد قلمي إلا أن يُفرغ محاولا إشعال شمعة من الأمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كل من ترعرع في كنف الثمانينات والتسعينات أو قبلها،كان يظن أن بلوغ باب الشهرة والثراء ليس بالأمر الهين و لا يتحقق إلا لعلية القوم. أمانٍ لم تعد مستحيلة في الألفية الثالثة إذ أضحى باب الشهرة والثراء مفتوحا في وجه الجميع بدون شروط ولا تعقيدات. بل يكفيك أن تكون تافها ومنتشيا بأفكار التفاهة و ها أنت في القمة تقارع المفكرين والأدباء الذي جرفهم طوفان التخلي عن القيم ليستقروا في مرفإ النسيان والتجاهل.
لم يعد يهم الآن أن تؤلف كتابا أو تخترع آلة بل يكفيك أن تتجرع من “عصير حميد” رشفة تغنيك وأهلك،أو تجعل من “فيروس H1N1” أضحوكة،أو أن يبقى “إحساس” الرجولة منحصرا في “دنيا” الرأي والتشاور.
لن يكفيك لبلوغ الشهرة صباغة قسم أو تعليم طفل،بل يمكنك تذوق حلاوتها وأنت موجه وجهك للمرآة “تثري” حسابك “تيك-توك”،و بالتالي تقع في “دوامة الأدومة” ليصبح “روتينك اليومي” مكسبا يُصوب تجاهك عدسات التلفاز وتغدو صورتك عنوانا بارزا لصحف اختارت نشر التفاهة توجها لها.
لن يكفيك لتتبوّأ مكانة سوى أن تغني بكل وقاحة وأن يجرفك “تسونامي” الرقص على إيقاعٍ “مجردٍ” من كل معاني الفن راكبا “طراكس” الشهرة وبلوغ المعالي.
قصص نجاح مزيف حقيقية هي التي عشناها و لازلنا نذوق مرارتها لتافهين نصبناهم نجوما يعتز بها الوطن،ونحن نجري وراءهم باحثين عن “كنز بولمان” المفقود،ومتفاعلين مع “سعيد مُدعي النبوة” الجديد،و لنا جيوشا لأبطال جعلوا من مكبرات الصوت مدافع وبنادق ” تسكت ” و تملأ ” دنيا ” العالم الأزرق عن آخرها.
دعونا نضع حدا لنشر التفاهة ولنترك التافهين في كفن الجهل والنذالة،و إلا فكن تافها تكن أجمل…
جاءت “الجائحة ” فعرت الواقع الأليم الذي كنا نتخبط فيه،وكشفت الوحل الذي كنا غارقين فيه،فلا نحن انتفعنا بتفاهتهم ولا تمسكنا بقطعة قشهم.
جاءت “الجائحة” فبرزت قيمتك المطمورة يا “طبيب”،و المسلوبة يا “معلم”،جاءت وقد أعطتنا درسا بأن البقاء علمٌ وتثقيف.