تفاعلا مع مشروع القانون الذي وضعته وزارة العدل بخصوص استعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، واستجابة للمقاربة التشاركية التي تنهجها الوزارة الوصية على قطاع العدل في المناقشة و التداول حول هكذا مشاريع قوانين قبل عرضها على مجلس الحكومة حتى تتخذ مسارها التشريعي.
انعقدت في هذا الإطار ندوة علمية عن بعد يومه الأربعاء الموافق ل 6 ماي 2020 على الساعة العاشرة ليلا تمحورت حول موضوع الإدارة القضائية في ضوء مشروع قانون الوسائط الإلكترونية، من تنظيم الهيئة الوطنية للمسؤولين الإداريين لوزارة العدل بشراكة مع المركز الوطني للمصاحبة القانونية و حقوق الإنسان والمركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية.
و قد تناولت الندوة تجليات المحكمة الرقمية من خلال مشروع القانون المذكور، واعتبرت ذلك مكسبا أساسيا للعدالة ببلادنا، لأنه ورش كبير يروم إلى إمكانية التقاضي عن بعد عبر استعمال الوسائط الإلكترونية، واستكمال مشروع التحديث الذي انخرطت فيه وزارة العدل منذ مدة والتي قطعت شوطا كبيرا في رقمنة وحوسبة كافة الإجراءات والعمليات والمساطر التي تنهض بها الإدارة المركزية والتي أصبحت تعتبر أسمى قيمة في كل نظام قانوني حديث؛ يروم التعاطي اللامادي في تصريف المهام والأشغال المنوطة بالمرافق العمومية عامة والتي لا ينفك عنها مرفق القضاء.
ووعيا بأهمية هذا الورش الكبير الذي لا يشك سيرهن مستقبل العدالة ببلادنا ويؤشر بقوة في التخلي عن العلاقات القديمة في العالم المادي المحسوس بوسائل تقليدية ورقية إلى اعتماد الوسائل التقنية اللامادية، والتي تعتبر إحدى التوصيات المهمة التي فعل بها ميثاق إصلاح منظومة العدالة وخلصت لها اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة، فإن مشروع قانوني بهذا الحجم يحتاج إلى قراءات متعددة يهدف تجويده و تصويب مواده حتى تتحقق له الفاعلية القانونية اللازمة والتي ستؤدي عند التطبيق إلى توفير أسباب النجاعة القضائية التي تعتبر مطلبا أساسيا في الأنظمة القانونية و القضائية الحديثة.
انسجاما مع ذلك؛ أبت الهيئة الوطنية للمسؤولين الإداريين لوزارة العدل إلا أن تشارك برأيها في هذا المشروع المطروح للنقاش و التداول و صاغت مجموعة من الملاحظات والمقترحات ضمنتها في مذكرتها التي رفعتها إلى وزارة العدل، و التي تمحورت حولها الندوة في جميع مواد مشروع قانون استعمال الروابط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، و هو النقاش الذي تابعه عبر منصة الندوة عن بعد آلاف المشاهدين من ممارسين قضائيين وإداريين منتمين لهيأة كتابة الضبط وغيرهم من المنتمين لمنظومة العدالة من محامين ومفوضين قضائيين، ناهيك عن أساتذة أكاديميين و طلبة باحثين، ومهتمين بالشأن القانوني والقضائي ببلادنا. وبعد مناقشة علمية مستفيضة دامت زهاء ساعتين ونصف، خلصت إلى العديد من التوصيات، نعلن للرأي العام أهمها:
تثمين المجهودات المبذولة من طرف وزارة العدل في إيجاد مشروع النص الأولى لقانون استعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، و الذي يحفل بمقتضيات مهمة لا شك أنها ستؤثر إيجابا على تطوير التقاضي عن بعد.
إعادة النظر في صياغة عنوان مشروع القانون بالاقتصار على عنوان: “إجراءات التقاضي الإلكتروني”، حتى تحصل الغاية من تبني نظام تقني معلوماتي يمنح للمتقاضيين إمكانية التقاضي عن بعد في جميع مراحل الدعوى المدنية والعمومية دون حضورهم الشخصي.
ولأن مشروع القانون الجديد يحفل بجهاز مفاهيمي جديد ينتمي إلى عالم المعلوميات، كان من الأولى وضع مادة فريدة تقوم بشرح هذه المفاهيم حتى تتحقق الولوجية المشروعة لهكذا قانون.
ضرورة التنصيص على طبيعة التبليغ الإلكتروني الموجه إلى الأشخاص الذاتية والمعنوية وترتيب الآثار عليه متى كان شخصيا أو غير ذلك، وكيف سيكون الوصف القانوني للحكم (المادة 47).
تحديد أجل احتساب الطعون خصوصا الطعن بالاستئناف، فهل يتم الاحتساب من تاريخ الإطلاع على الرسالة الإلكترونية، أو اليوم الموالي للإطلاع، أو من تاريخ وضع المتهم، و هو نفس الأمر يسري على مجموعة من الإجراءات الأخرى.
عدم التنصيص على ساعات التبليغ الذي سيصبح لاماديا يتم عن طريق الروابط الإلكترونية، هل ستسري عليه أحكام القانون الحالي من حيث التقيد بالزمن الإجرائي للتبليغ من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة العاشرة ليلا، إلا في حالات الضرورة متى تطلب الأمر ذلك، لكن بناء على إذن مكتوب ومعلل من طرف إحدى الأطراف القضائية المنصوص عليها.
وجوبية التنصيص على ضرورة سحب المدعي للإستدعاءات للحضور للجلسة من أجل تبليغها لأطراف الدعوى الآخرين وفق الصيغة التالية للمادة 1-31 “يسلم الاستدعاء للطرف المدعي فورا لجلسة النظر في القضية إلكترونيا، ويجب عليه سحب استدعاء باقي الأطراف للسهر على تبليغها تحت طائلة عدم قبول الدعوى “.
الفصل 2-41 و الفصل 1-31 و الفصل 4-41: يجب التنصيص على الكيفية التقنية لتدبير الحساب والعنوان الإلكتروني للمهنيين ضمن فصول هذا القانون تفاديا لتشتيت النصوص القانونية الإجرائية، وتسهيل التعامل بها.
وبما أن مشروع القانون يتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية، فإنه ينبغي أن ينحصر في تطبيقات هذه الأخيرة من الناحية الإجرائية والمسطرية، ودون ملامسة مواضيع أخرى من قبيل تقديم الطلبات باسم قاضي التنفيذ بدل رئيس مصلحة كتابة الضبط، والذي يعد تقزيما لدور هذا الأخير، وسيخلق تضاربا في كيفية التعاطي مع تصريف إجراءات التنفيذ وحدود تبعية الموظفين العاملين بأقسام التنفيذ للمسؤول الإداري أو كجهة قضائية أخرى، و هو ما يخل لمبدأ فسلط السلط من جهة، ناهيك على كون قاضي التنفيذ لا يملك الصفة المحاسباتية في توقيع أوراق المصروف مما سيخلق ارتفاعا على هذا المستوى.
بالنسبة للمادة الزجرية ضرورة إضافة فقرة تنص على التبادل الإلكتروني للمحاضر والشكايات بين النيابة العامة والشرطة القضائية بشكل آمن يحفظ سرية الأبحاث، ويتضمن حماية المعطيات الشخصية للموقوفين.
المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية يقترح حذف “يمكن ” والاقتصار على عبارة “لوكيل الملك والوكيل العام للملك (وإضافة) أو من يمثلها، الاطلاع على المحاضر الإلكترونية بهدف الإذن بتمديد الحراسة النظرية والاستماع إلى المشتبه فيهم (بدل المعنيين بالأمر) عن طريق تقنية الاتصال عن بعد أو يصدر إذنه بتمديد الحراسة النظرية بطريقة إلكترونية مذيلة بتوقيعه”.
المادة 139 : مقترح تعديل هذه الفقرة “يجب أن يوضع ملف القضية ورقيا وإلكترونيا رهن إشارة محامي المتهمين (بإضافة) بكتابة الضبط لقاضي التحقيق قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل.
المادة 365⁄ ف. الأخيرة تقترح الصيغة التالية “تذيل والأحكام والقرارات والأوامر القضائية إلكترونيا ويدويا من طرف رئيس الهيئة وكاتب الضبط “.