تسجل مختلف فروع السلطات الأمنية نزوح المئات من المشتغلات في الجنس إلى منطقة تغازوت، عند بداية كل صيف، فيما يشبه هجرة موسمية لتجارة الجنس المنظمة والعشوائية، إذ تضم المنازل وشقق العمارات وبيوت القرية السياحية تغازوت المئات من المهووسين باللذة. وتحولت تغازوت إلى مرتع لانتشار السلوكيات المخلة بالآداب، حتى أضحت وكرا مفتوحا للدعارة والشذوذ وانتشار السرقات والإجرام والاعتداءات والتحرشات والمشاجرات اليومية. وصارت القرية التي اشتهرت بالحريات الشخصية منذ اكتساحها حركة”الهيبيز”ثم”حركة العُريّ” في الثمانينات وتساهل السلطات الأمنية في السنوات الأخيرة محجّا لنوعية خاصة من الزبناء والرواد، خاصة من العاهرات والمراهقين واللصوص والباحثين عن المتعة والجنس.
وكْرٌ مفتوح
الطقس المعتدل وخريطة شواطئ تغازوت، ومواقعه الترفيهية، ونقط جذبه المتنوعة، هي التي تجذب آلاف العائلات المغربية للتخييم صيفا بالمنطقة. عرفت تغازوت منذ القدم كقرية أمازيغية شاطئية بخليج أكادير، أنشأها صيادو منطقة”تسكااودرار” من مداشر ودواوير أيت بيهي وافراضن واكوزا وايت حماد وتشديرت وتسيلا وتكيت وازازول وايداود وادوز واشريبن وايت بوعود وايت الرامي وامزواك وايت ملاك واوليتن وتكرزامت واكي افرض وتمسولت واكني واوركا وتغروط واسي وتيزي، المنتشرة على منحدرات جبال الأطلس المواجهة للبحر. تزخر المنطقة بمناظر خلابة ومؤهلات سياحية تجمع ببن جمال الطبيعة وسكون البحر وامتداد الشواطئ وذهبية الرمال. تحولت منذ الستينات والسبعينات إلى قرية سياحية يقصدها رواد حركة”الهيبيز” الذين سوقوها عالميا عبر كتاباتهم، ليتطور بنيانها في الثمانينات مع الطفرة النوعية للسياحة بأكادير.
يعيش سكان المنطقة على الصيد البحري والسياحة لتوسطها مجموعة من الشواطئ الهادئة والفسيحة الجذابة، ذات الرمال الذهبية وبُعدها بعشرين كيلومتر عن أكادير شمالا.
ظلت تعيش بعيدة عن مراقبة أعين الأمن مما ولّد بها أوكارا للفساد بكل أشكاله، وملاذا للمبحوث عنهم وملجأ لممارسة أنواع الدعارة. اشتهرت تغازوت قبلة للسياحة الوطنية خلال فصل الصيف والدولية في فصل الشتاء، وكأشهر موقع عالمي لممارسة الرياضات المائية، خاصة ركوب الموج. أثارت لعاب مجموعة من المستثمرين وسماسرة العقار وصناع تجارة الجنس، فاشتروا بها أراضي بنوا عليها عمارات ومنازل تطل على البحر. إضافة إلى بعض الأجانب الذين لجؤوا إلى المداشر والدواوير لإقامة رياضات وإقامات سياحية بتشجيع من الدولة. وحُوّلت القرية قسرا إلى وكر مفتوح للدعارة، ليُجْبَرَ أهالي تغازوت، كل صيف على الهجرة الموازية لتلك التي تعرفها منطقتهم. يغادرون منازلهم ويعودون إلى قراهم الأصلية. وعند بداية كل صيف، ترى العائلات الأمازيغة وهي تنزح بشكل جماعي في اتجاه البوادي، هربا من سطوة الدعارة على الحياة اليومية.
يتوارى السكان الأصليون خلف الجبال ووسط غابات الأركان فارين من “الانحرافات” السلوكية التي تغمر المساكن والأزقة والساحات والشواطئ وجل فضاءات تغازوت، لتتحول القرية السياحية إلى وكر للدعارة ولمختلف الممنوعات والجرائم.
عاصمة العشاق
تستطيع تغازوت جذب الآلاف من السياح المغاربة لقضاء عطلة الصيف بين أحضانها والاستمتاع والترفيه من خلال ما توفره القرية السياحية من مقومات الحياة الليلية الصاخبة بأكادير، داخل المراقص الليلية التي تؤثث المؤسسات السياحية والكاباريهات على إيقاع أنغام مختلف أنواع الموسيقى والرقص. وتتحول محطة تغازوت كل صيف إلى عاصمة للعشاق ومحترفي ومحترفات تجارة اللذة وممارسة الدعارة في خضم صخب الاصطياف وزحمة العري والاختلاط.
وتكشف الإحصائيات الرسمية بأن عدد المساكن بمركز تغازوت يبلغ حوالي 800 منزل، يوجد من ضمنها 120 شقة مفروشة بعمارات غرب تغازوت في ملكية مستثمرين، معدة للكراء خارج القوانين المعمول بها، والمرتبطة بالشقق المفروشة. هذا، إضافة إلى ما يناهز 200 شقة مفروشة معدة للكراء وسط مركز تغازوت أغلبها لسكانها. كما أن حوالي مائة بيت منفرد يتم كراؤها إما فارغة أو مفروشة، سواء من قبل المغاربة والأجانب. وهناك أزيد من عشرة منازل بمثابة أوكار، يتم كراؤها لمجموعات من المنحرفين بعيدان عن أعين الدرك الملكي، تشكل مصدر الدعارة والخمور والمخدرات وتزعج السكان.
يتم كراء هذه الشقق التي يمكن أن يقال بأنها معدة أساسا للدعارة، خارج الضوابط الأمنية، بأثمنة تتراوح ما بين 300 درهم و 1000، حسب فصول السنة. ويتراوح ثمن البيوت المنفردة بين 100 درهم و 150درهما.
تلجأ فئة كبيرة من السياح المغاربة، خاصة من الشباب والعزاب إلى كراء الشقق بشكل فردي أو جماعي بتغازوت، يكترون السيارات للتنقل والتجوال ما بين تغازوت والملاهي والمراقص الليلية والكباريهات التي تنتشر كالفطر بالمنطقة السياحية بأكادير للبحث عن الطرائد وجلبهن إلى تغازوت. كما أن مثلهم من الشابات الممتهنات لتجارة الجنس تكترين بشكل جماعي أو منفرد شققا أو بيوتا مفروشة، لممارسة حرفتهن إما وسط مصطافي تغازوت، خاصة من المهاجرين المغاربة وأبناء المنطقة الجنوبية ومجموعات الشباب الذين يختارون تغازوت للاستمتاع والتخلص من عبء السنة.
شـذوذ وقتـل
تذكر الرأي العام الوطني والمحلي بتغازوت 16 يونيو قبل اعوام، جريمة قتل قيادي تجمعي داخل مسكنه الثانوي بتغازوت، وكشفت التحريات بأن الشذوذ الجنسي كان وراء الجريمة. وبعد أيام قليلة قتل شاب عشيقته ونام بالقرب من جثتها بشاطئ تغازوت غشت الماضي. واعتقلته عناصر الدرك الملكي وهو ما يزال تحت تأثير الكحول. واعترف بأن نقاشا حادا جرى بينه وبين عشيقته، تحول إلى شجار ثم اشتباك بالأيدي، فلف حبلا على عنق الفتاة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، فنام بجوار جثة حبيبته حتى الصباح. ويقص سكان تغازوت تفاصيل الجريمة البشعة التي اقترفها مواطن مغربي قبل شهرين، في حق إيرلندي عجوز مقيم بتغازوت، وأعاد تمثيلها أمام الملأ. وكشفت الأبحاث بأن شجارا عنيفا اندلع بين القاتل والهالك إثر مطالب الضحية من الجاني أن يمارس معه شذوذه الجنسي في جلسة خمرية بشقته. ورفض القاتل طلب العجوز فساءت الأحوال ثم استعان الجاني بسكين من المطبخ فوجه طعناته للإيرلندي على العين اليسرى والصدر والرأس. وفجر اعتقال الدرك الملكي بتغازوت ثلاث نساء متزوجات متلبسات بالخيانة الزوجية وممارسة الجنس الجماعي مع رجلين بإحدى الشقق المفروشة والمعدة للدعارة تغازوت، شهر يناير الماضي مشكلة كراء الشقق المفروشة خارج الضوابط الأمنية. وتم ضبط ثلاث نسوة اعترفن بأنهن متزوجات وعلى علاقة غير شرعية مع الموقوفين، وهن متلبسات بممارسة الجنس مع رجلين.