بقلم سكينة عبو
ترجمة اسماعيل الصادقي
رغم أن مسابقة ملكة جمال المغرب 2016 تبدو لنا مسابقة نزيهة لاختيار ملكة جمال المغرب، إلا أن الأمر يتعلق بقضية خداع واستغلال.
لقد تم إطلاق مسابقة “ملكة جمال المغرب” لأول مرة سنة 2012 من قبل وكالة “3Box Event” المستقرة بمراكش، والمتخصصة في تنظيم مثل هذه المحافل. وكانت النسخة الثانية للمسابقة سنة 2015، في حين شهدت السنة الجارية تتويج ثالث ملكة جمال للمغرب عن سنة 2016. ورغم ما يبدو لنا عن كونها مسابقة رسمية يتبارى خلالها جميلات المغرب وهن يرتدين القفطان المغربي التقليدي، إلا أنه طرحت عدة التساؤلات حول كون المسابقة مزيفة وظاهرية فقط.
للتأكد من حقائق هذا الموضوع، خصص موقعي Morocco World News مراسلا خاصا للتحقيق في ملابساته.
خلف الكواليس في أكاديمية ملكة جمال المغرب
رجوعا إلى الثالث عشر من ماي الحالي، أسبوع فقط قبل اختيار ملكة جمال المغرب لسنة 2016. تجمعت المتسابقات النهائيات بأحد الفنادق في مدينة مراكش، حيث أمضين أسبوعا كاملا من التدريبات والتحضيرات والتصميمات قبل العرض النهائي الضخم الذي إقيم في Morocco Mall بالدار البيضاء. وقد كانت هذه المناسبة تخص النخبة فقط، وذلك بحضور ممثلي ماركات الموضة وبعض وسائل الإعلام.
خلال هذا الأسبوع، تواجدت ستة عشر متنافسة على اللقب، وهن اللاتي تم اختيارهن خلال جولة اختيارية مرت بمدن الدار البيضاء ومراكش وأكادير وفاس ومكناس وطنجة. وتتراوح أعمارهن بين 18 و25 سنة، كما أن بعضهن حاملات لشواهد دراسية عليا، في حين لا يتوفر البعض الآخر على أية شواهد. وتقول أحد المتسابقات في هذا النطاق: “لقد قررت أن أجل اختبار الباكالوريا للسنة المقبلة “.
ورغم أن أغلب مسابقات ملكة الجمال تشترط وجود مؤهل أكاديمي عالي، إلا أن هذه المسابقة تجاهلت هذا المعيار، وهنا يطرح التساؤل: لماذا قبلت اللجنة التنظيمية بمتسابقات لم يحصلن على شواهد دراسية عليا؟
وقد قام موقع Morocco World Newsبشراكة مع اليوم24 بطرح السؤال حول المعايير التي يتم البناء عليها اختيار المتسابقات، وقد قالت بعض المتسابقات اللاتي فضلن عدم الكشف عن هويتهن: “عندما يتعلق الأمر باختيار المتسابقات النهائيات، لا توجد أية معايير دقيقة. كما أن المسؤول عن اختيار المتسابقات هو رئيس اللجنة التنظيمية، هو صاحب الكلمة الأخيرة”.
ووفقا لقوانين مسابقة ملكة جمال الكون، يعتبر المستوى التعليمي من بين معايير اختيار ملكة الجمال، إلى جانب معايير أخرى يتم أخذها بعين الاعتبار، وهي التوفر على جسم صحي وعقل مستنير. وهو ما تقوله المتخصصتان في الإثنولوجيا فيديريكا طاماروزي وآن مونجاريت في مقالهما ‘معايير مسابقة الجمال’، بحيث يعطيان تعريفا لجمال المتسابقات ويقولان إنه يتعلق بما يمكن قياسه وما لايمكن قياسه أيضا، وتقصدان هنا الجانب الإنساني البعيد عن الجمال الخارجي، والذي يظهر هو أيضا خلال الحدث.
تقضي المتسابقات عشرة أيام من التدريب تحت إشراف مدربين ومهنيين في مجال تصميم الرقصات وعرض الأزياء. كما أنهن يقمن مع بعضهن في غرف مشتركة خلال هاته الفترة التدريبية، بحيث يتعرفن على بعضهن ويفصحن لبعضهن عن طموحاتهن وآمالهن. إلى جانب ذلك، يشاركن الآراء و الملاحظات منتقدين مجريات المسابقة.
ولكن السؤال المطروح هنا: ما هو الشيء المريب بخصوص المسابقة؟
فقد ظهرت الكثير من التعليقات التي تشكك في “عدم توفر المتسابقات النهائيات على المعايير المؤهلة، لكنهن لازلن حاضرات في المسابقة”، وذلك وفقا لما ذكرته إحدى المتسابقات التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، كما أنها أضافت أن المسابقة “قذرة ومريبة”.
بالإضافة إلى ذلك، صرحت نفس المتسابقة: “كلنا نعلم سلفا من ستفوز باللقب، لقد أمضينا يومين رفقة بعضنا ونعرف من المتسابقة التي تتلقى معاملة خاصة… المدربون واللجنة التنظيمية يعرفونها شخصيا، ويلتقطون صورا معها، وينادونها باسمها. إنها تتقاسم الغرفة مع أحد المدربات التي تعتبر عارضة أزياء عالمية وصديقة مقربة لها. لقد أصبح الأمر واضحا أنها ستفوز … وفوق كل هذا، لديها وشم ومن الواضح أنها أجرت عمليات تجميلية، وهو ما يخرق المعايير الكونية لاختيار ملكة جمال”.
ولقد كانت المتسابقة محقة بخصوص مزاعمها، بحيث تم تتويج المتسابقة، سارة بلقزيز، التي تحدثت عنها باللقب كما توقعتجميع المتسابقات النهائيات.
وقد شهدت الشبكات الاجتماعية الكثير من الإشاعات التي تنتقد الفائزة بسبب خضوعها لعمليات تجميل سابقة. وكان الدكتور طارق الإسماعيلي، جراح تجميلي بكاليفورنيا قد هنأها على صفحتها بموقع انستغرام واضعا صورة لها.
وقد أول العديد من مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي هذا بأنه يعني أن الفائزة البالغة 25 سنة زبونة للدكتور الإسماعيلي، واتهموها بالفوز باللقب بطرق احتيالية.
كما أفادت بعض المصادر المرتبطة باللجنة التنظيمية للمسابقةأنه “لا يوجد شك أن سارة بلقزيز خضعت لمجموعة من العمليات التجميلية”. وقد حاولنا في العديد من المناسبات لمدة ثلاثة أيام الاتصال بـ سارة بلقزيز لأخذ تصريحاتها بهذا الخصوص، إلا أن هاتفها كان مغلقا، ولم تجب على أسئلتنا التي تركناها على مجيبها الآلي.
عودةً إلى ما يجري في أكاديمية ملكة جمال المغرب، فقد غادرت ثلاث متسابقات التدريبات وانسحبن من المسابقة نظرا لغموض عقودهن، والظلم الواضح فيما يخص التعامل مع المتسابقات. كما أنهن لاحظن الدعم الواضح من اللجنة المنظمة للمتسابقة التي فازت في نهاية الأمر. وفي هذا السياق، لبنى مهلوب وابتسام اليوسفي تفسران أسباب انسحابهن من المسابقة:
فتقول ابتسام اليوسفي: “إلى جانب غموض العقد الذي ينص فقط الالتزامات الصارمة والمستعبدةللمتسابقات من طرف الشركة المنظمة للمسابقة، فقد كان جليا منذ اليوم الأول أن الفائزة اللقب كانت تتلقى معاملة خاصة”.
كما تضيف لبنى محلوب: ” لم يعد الأمر بتعلق بمسابقة بالنسبة لي عندما رأيت بعض المتسابقات اللاتي خضعن لعمليات تجميلية، وأخريات لا يتوفرنعلى معايير مسابقة ملكة الجمال فيما يخص المستوى الأكاديمي. إن الأمر مثير للشفقة.”
ولقد تسببت مغادرة ثلاث متسابقات للتدريب في اليوم الثالث للأكاديمية وقبل أربعة أيام فقط من العرض النهائية للجنة التنظيمية في تحد هدد سمعتهم، مما دفعهم للمسارعة في التعاقد مع متسابقات جديدات، والذي كانت من بينهن صديقة حميمية سابقة لرئيس اللجنة التنظيمية، حسب ما صرحت به مصادرنا.
نيـــــــــــــنو: الرئيس
نعمان التويمر والمعروف بـ نينو بين أصدقائه هو رئيس اللجنة التنظيمية، هو جزائري الجنسية ومقيم بسويسرا، كما أنه يدير بعض المشاريع في المغرب، مثل مسابقة ملكة جمال المغرب. وكان قد تخرج من مدرسة للطيران المدني بصفته مديرا للمناولة الأرضية للطيران العام في سنة 2002.
نعمان هو المدير العام للعديد من وكالات الإنتاج وتنظيم الأحداث وهي Smartprod و Night Star Maroc و 3Box Eventالتي نظمت مسابقة ملكة جمال المغرب.
أنشأت 3Box Event سنة 2011 بC.E Invest، و هو مكتب حسابات يوجد بمراكش ذي رأس مال يبلغ 10.000 درهم.
ويظل الوضع القانوني للمسابقة المنظمة مبهما، بل و حتى للذين هم مضطلعون على مسابقة ملكة جمال المغرب. و يثور نينو غضبا كلما سأله طاقمه عن الوضع القانوني للمسابقة. فيتحول المسؤول الرئيسي إلى شيطان ويسكتهم جميعا. وقد كشف مصدر داخلي، و كما هو موجود بملف المساندة، أن الفريق يتكون من مساهمين مغاربة و دوليين. لم يستطع المسؤول الرئيسي أن يترك الأمور على شكل عادل. فقد أخبرنا أحد من أصدقاء ليلى حديوي بأن الملفالأولي ذكر هذه الأخيرةبالإضافة إلى ملكة جمال إنجلترا 2015 معالمتعاونين قصد جذب الممولين، ولكن في الواقع، فقد رفضا كلاهما طلب نينو من أجل التعاون. و أردنا أن تعرف المزيد عن الرئيس نينو، بحيث أخبرتنا متسابقتان أن نينو لم يدفع أجورالناس الذين اشتغلوامعه.
“لقد قام فريق عمله بكل العمل الشاق و لم يتلقوا أجورهم مقابل مجهوداتهم. يعكس هذا انعدام الإحترافية عند رئيس اللجنة و مدى هوسه بالعظمة في شخصيته كرئيس.” وعلى الرغم من ذلك، نفى نينو هذه “الإتهامات” و إدعى بأنه قد ‘فقد ماله” في إعداد مسابقة الجمال.
ورداً على هذع الاتهامات قال نينيو”أنه كان من المفروض أن يحصل أعضاء اللجنة على 10 في المئة من الأرباح إذا وفر الممولون المال… و بما أن ملكة جمال المغرب لم تحقق أية أرباح، فلا يوجد عندئذ أي مدخول لتوفيره. لم لا يقبل أي أحد أن يعوضني بنسبة 10% من المال الذي خسرت؟”.
ولحد الآن، لم يكشف الرئيس عن أي معطيات تخص خسائره المادية وزعم أنه لم يحقق أية أرباح. وفي المقابل، أكدت معلومات مسربة من بعض المقربين لنينو بأن الأرباح قد بلغت 300.000 درهم. وحسب مصادرنا، فإن الشركات الراعية للمسابقة عرضت هدايا على المشاركات اللواتي بلغن النهائيات والوصيفات والفائزة ، و لكن نينو فضل الاحتفاظ بهدايا الممولين كتذكار لنفسه و لعائلته.
وتستمر الهفوات والإخفاقــــات
لقد عرفت مسابقة ملكة جمال المغرب أخطاء و هفوات فادحة فيما يخص التنظيم وانعدام الموضوعية،وهو مايعكس فشلا ذريعا. كما أن هذه المسابقة لا تمت بصلة ولا تمثل المسابقة الوطنية الرسمية لملكة الجمال المغرب.
لقد فشلت هذه المسابقة في جميع دوراتها، ولم يكن الأمر مختلفا في نسختها الثالثة. فرغم محاولة نعمان التويمر إعطاءها المزيد من المصداقية، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
ووفقا لمصادرنا، فإن الفائزة بالمسابقة سارة بلقزيز قد اتفقت مع رئيس اللجنة التنظيمية السيد نينو، على أن تتوج بالمسابقة، بشرط أن تدفع له مبلغا صخما، مما يسمح لها بالمشاركة في مسابقة ملكة جمال العالم.
وقد كانت إحدى المتسابقات النهائيات قد خسرت لقبها كوصيفة للفائزة عندما طلبت من الرئيس نينو أن يسلمها جائزتها وتذكرة السفر للعودة لـ سانت تروبي، بحيث كانت قد وصلت للمغرب في 13 ماي للمشاركة في المسابقة التي فازت خلالها بلقب الوصيفة، غير أنها لم تتسلم أي جائزة في المقابل. كما أن نينو كان قد وعدها بالتكفل بمصاريف رحلة عودتها، لكنه لم يوفي بذلك الوعد، وقام بتجريدها من لقبها.
لقد كشف التحقيق الذي قمنا به أن نينو يسير شركته مستخدما اسم بلد لا يحمل جنسيته، ويستفيد ماليا عن طريق استغلال صورة الشابات المغربيات اللاتي يطمحن فقط إلى تمثيل بلدهن في مسابقة نزيهة.