نجح الاسلاميون في الهيمنة على المجتمع ميدانيا بواسطة المئات من الجمعيات الخيرية وجمعيات المساعدة الاجتماعية. في كل الاحياء والهوامش يقدمون منذ عقود خدمات قرب متعددة: المساعدة الغذائية، حفلات العقيقة والختان ومآثم العزاء، وحتى المساعدة على الشغل والتجارة والزواج..
كان ذلك ما يجعلهم قريبين من الناس، وذلك ما سمح لهم بخلق مساحات سكانية محررة وسط الفقراء والمهمشين.
وبينها كانت القواعد الاجتماعية للاحزاب تتآكل، والغضب على الخدمات الاجتماعية للدولة يتزايد، كانت جمعيات الخدمة الاجتماعية عن قرب تمنح الاسلاميين كثيرا من الشعبية والتفوق الوجداني على خصومهم.
لقد سمعنا مرارا ذلك القلق الذي تبديه اوساط نافذة في الحقل السياسي من الامتداد والاستقطاب المتزايد لهذه الجمعيات، والمردودية الشعبية التي تذرها على التيارات الاسلامية.
انظروا الى عشرات الجمعيات التي تدور في فلك حركة التوحيد والإصلاح التي تصب كلها في مجرى العدالة والتنمية، ولتبحثوا في الحجم الهائل للجمعيات التابعة لجماعة العدل والاحسان، ومثال ذلك بالنسبة للتيار السلفي.
عاشت الاحزاب السياسية المغربية سنوات من العزل التدريجي وسط المواطنين بفعل عمل هذه الجمعيات، ويمكن القول ايضا انها في اصل تفوق الاسلاميين على غيرهم، بغض النظر عن الخطاب الديني.
وبينها توزع الدولة والاحزاب الوعود بغذ افضل، كان الاسلاميون يستجيبون مباشرة عبر هذه الجمعيات للكثير من الاحتياجات المعيشية للسكان.
وطلبنا الاحزاب مرارا وتكرارا بأن تدخل مضمار القرب من الناس، والانصات والتفاعل مع احتياجاتهم، ان هي ارادت ان تكسر قواعد لعبة غير تنافسية مع الاسلاميين.
واليوم، وحين يدخل حزب سياسي غمار هذه اللعبة، ويظهر فيها تنافسية قوية، بل ويثبت ان القرب الاجتماعي من المواطنين بإمكان جميع الاحزاب وليس حكرا على الاسلاميين، نتحالف جميعا لنهاجمه، ونشيطنه، بينما المحاسبة الجدية والنقاش الواجب يستدعيان الجواب على هذا السؤال:
ماذا فعلت باقي الاحزاب لترفع هذا التحدي الذي فشلت فيه على مدى عقود.
“جود” قصة نجاح معتبرة، وينبغي ان نقرأها في هذا العمق، وليس انطلاقا من حزازات شخصية وحسابات انتخابية ظرفية.
بقلم الرائع يونس دافقير
ما أحوجنا لهذه الموضوعية في وقت غابت فيه الشجاعة