ن اهتمامنا بالعائلة الملكية وبشخص الملك والأميرات ليست نزوة عابرة، وإنما لأنها قضايا تكتسي أهمية كبرى لدى الرأي العام المغربي.
في هذا الإطار اهتممنا صحافيا بالأميرة لالة سلمى، زوجة الملك، السيدة الأولى بالمملكة. فهذا الاهتمام يدخل ضمن مهمتنا الصحفية للتعريف بشخصيات المغرب وتقريب صورهم من المواطن المغربي. وهذا أمر لا يمكن أن يكون ممنوعا على الصحافة، في بلد سائر نحو ترسيخ الديمقراطية والحداثة لبنة لبنة. وفي البلدان الديمقراطية عموما، كل شخص اختار أن يصبح شخصية عمومية فلابد أن يتنازل، بشكل أو بآخر، عن جزء من حياته الخاصة باعتبار أنه يتقاسمها مع المواطنين ومع الرأي العام.
الأميرة لالة سلمى هي أولا زوجة الملك، وتسعى للاهتمام بمهمتها الأولى، المهمة الأسرية، وثانيا القيام بجملة من المهام الاجتماعية والدبلوماسية لبلوغ أهداف ملموسة، وهذا في ظل زوجها الملك محمد السادس. وكل من ينظر إلى الأميرة لالة سلمى، يلاحظ ابتسامتها الخفية الدائمة ونظراتها المعبرة، وهي تسير بالقرب من زوجها بقامتها المنتصبة وملامحها الهادئة.
اهتمت الأميرة بأنشطة اجتماعية وثقافية واضطلعت بمهام دبلوماسية. وعندما كثر ظهورها عاين المغاربة دقة حركاتها، فكل حركة من حركاتها مدروسة، بدون زيادة ولا نقصان.
أحبها الملك وملكت قلبه، واستكمل هذا الحب واستفاض مع ميلاد ولي العهد. حب ظاهرة معالمه متى ظهر الملك، ومتى ظهرت الأميرة، وليس من الضروري أن يكونا معا لكي يلوح طيف هذا الحب.
اللقاء الأول
تعرف الملك محمد السادس على المواطنة المغربية التي ستملك قلبه في خريف سنة 1999، عندما كان وليا للعهد، شهورا معدودة قبل وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني. تعرف عليها في الخريف، واعتلى عرش البلاد في نفس السنة.
كانت لالة سلمى آنذاك لم تكمل بعد دراستها العليا، إذ كانت تقضي فترة تدريب ميداني بمجموعة “أونا” قبل نيل ديبلوم مهندسة الدولة، في صيف 2000 تعرف عليها ولم يكن عمرها يتجاوز آنذاك 21 ربيعا، جمعتهما الظروف في إطار حفل مغلق مرتبط بالمساهمين في المجموعة الملكية “اونا” والعاملين بها، حدث ذلك في غضون شهر أبريل 1999، أي 4 أشهر قبل وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. آنذاك التقى الملك الأميرة التي أثارت انتباهه، وبعد حديث ومكالمات، توطدت العلاقة وبدأ التخطيط للغد، وبفعل الظروف التي عرفتها البلاد، ظلت العلاقة قائمة على امتداد ثلاث سنوات، انتعش خلالها الحب وترعرع، تأكد الحب، ودخلت المواطنة للا سلمى بناني التاريخ، بعد أن سلبت قلب الملك الشاب الذي طلب يدها من ذويها حسب الأعراف والتقاليد المغربية.
وقصة تعرف الملك على السيدة الأولى، تدل على أن الزواج كان عن حب، وهي ظاهرة ظلت نادرة جدا في تاريخ الملوك والأمراء، أو على الأقل كشفها بهذه الطريقة الشفافة، وإشراك المغاربة منذ البداية في اختيار الملك مواطنة مغربية، مال قلبه إليها كزوجة لتصبح “أم ولي العهد” والسيدة الأولى بالمملكة.
إن كشف قصة لقاء الملك بالفتاة التي سلبت قلبه، أعطت بعدا إنسانيا أكبر لشخص الملك بطريقة غير مسبوقة في تاريخ المغرب وفي الذاكرة الجماعية والشعبية المغربية، إنها خطوة عملاقة ساهمت في إعادة أنسنة “قدسية شخص الملك”، والتي ساهمت عدة أحداث ووقائع في حجبها على امتداد المرحلة السابقة، ومع استعادة هذه الأنسنة ترسخت بشكل جديد شعبية الملك وسط فئات الشعب المغربي، وعلى مدى أوسع وأشمل، وبتغيرات أصدق من السابق وأكثر من عفوية، من تلك التي كان يتدخل فيها رجال السلطة، الذين كانوا بتدخلهم هذا يفوتون الفرصة على المواطنين للتعبير عن حبهم للملك بطريقتهم الخاصة، وبالشكل الذي يرونه وليس باملاءات “مسامر الميدة” كما كان يقال آنذاك.
وعموما تزوج الملك محمد السادس بالأميرة للا سلمى بعد أن تعرف عليها وأحبها.
وقصة تعرفه عليها دفعت أحد المقربين للقصر إلى القول:”الزوج الملكي مثل كل الأزواج بالمغرب.. مرحلة التعارف، ثم حب، فخطبة، و”ضريب الصداق ثم زفاف”. وبهذا الخصوص قال الملك محمد السادس، في حواره مع الصحفية الفرنسية “آن سانكلير”، في أكتوبر 2001: “[…] فيما يخص خطيبتي، سلمى بناني التقينا منذ أكثر من سنتين، إنها مهندسة في الإعلاميات، وليست ابنة مصرفي كما قيل، وإنما هي ابنة رجل تعليم يقطن بفاس”. وأضاف جلالته لقد تفاهمنا معا على إشراك الشعب المغربي في حفل زفافنا الذي سنقيمه مثل أي زوجين في المغرب، في جو من الفرح والغبطة”.
ملكت قلب الملك
تزوج الملك محمد السادس فتاتا مغربية، عرفت طريقها إلى قلبه و يبدو أنه منذ البداية اكتشف الملك القدرة والقيمة التواصلية لزوجته لالة سلمى. وقد ظهرت عدة إشارات بهذا الخصوص، بمناسبة إجراء مجلة “باري ماتش” تحقيقا مفصلا عن العائلة الملكية.
إذ أشاد الملك في إحدى أجوبته بقدرة زوجته، الأميرة لالة سلمى، على التحول من مواطنة عادية إلى زوجة ملك وأم ملك. في حين اكتفت الأميرة، التي ملكت قلب الملك بالقول، إنها حاولت أن تحدد السبيل لتكون مفيدة لبلادها لأقصى الحدود، في ظل زوجها ملك المغاربة. وعندما شعرت الأميرة لالة سلمى باهتمام الملك بها، زادها ذلك اتزانا وزادها حبها للملك رقة.
وقالت إحدى زميلات الأميرة إن الملك كلما أحس بارتباكها يبتسم لها، فتسترجع الثقة بنفسها أكثر مما كانت عليه.
وتساءل أحد الفضوليين، فقال في أية أوضاع يكون فيها الرجل مسيطرا على المرأة؟
فأجابه العارفون بالأمور.. عندما يقول لها بصدق.. أحبك بكل ما فيك.
أعاد السائل الكرة فسأل ثانية..ما هي أحسن الأوضاع بخصوص المرأة في العلاقة الزوجية؟
فكان الجواب.. إن ملكت قلب الزوج دون عقله.
بهذا المعنى يعتقد الكثير أن الأميرة لالة سلمى، سلبت قلب الملك محمد السادس. واجتهد بعض المجتهدين فأضافوا قائلين.. إن كان الحب قدرا، فإن الأميرة لالة سلمى قدر الملك، وإن كان الحب خيارا فهي خياره.
اعتلى الملك عرش البلاد، واعتلت الأميرة لالة سلمى عرش فؤاد الملك.
الأميرة التي أحبها الملك
أحب الملك إحدى بنات الشعب، أحب مواطنة عادية حب الملوك والأمراء، لكن دون اللجوء إلى طقوسهم وبروتوكولاتهم. أحبها حبا كسر كل الحواجز والفوارق. وهو الحب الذي أنعش آمال المغاربة، وحول احباطهم الموروث إلى آمال انتظار الغد المشرق.
تزوج الملك عن حب.. إنها عبارة لم يعهد المغاربة استعمالها، لكن مع عهد محمد السادس، درجت العبارة على كل لسان.
أحب الملك إحدى المواطنات المغربيات فتزوجها.. عبارة بسيطة لكن مدلولها كان له وقع كبير ومؤثر وفعال على المغاربة والجو المغربي عموما. فحب الملك محمد السادس للأميرة لالة سلمى، بنت الشعب، اختزل نهجا للحياة ونظرة للغد ورؤية لكيف يجب أن يكون مغرب المستقبل. لقد أحب الملك امرأة ظلت مرتبطة بأصولها الشعبية، دأبت كعادتها على زيارة جدتها وذويها كأن شيئا لم يتغير. وعائلتها ظلت على حالها، ولم يغير حب الملك مجرى حياة أقاربها. فأحد أعمامها استقر منذ زمن بالقنيطرة لممارسة طب الأطفال، فكما كان بالأمس هو الآن، ولم يطرأ أي تغيير. لم يغير حياته، ولا إقامته، ولا عاداته، ولا قناعاته السياسية.
كان ولازال ملتزما، في صفوف حزب العدالة والتنمية، وعضوا في مجلس الجماعة الحضرية ضمن فريق المعارضة.
منذ أن تعرفت على الملك، ظلت الأميرة لالة سلمى تحيطه بحبها وعطفها، ولا تترك فرصة تمر، سواء أكانت مناسبة أو عيد ميلاد، دون أن تقدم له هدية تنتقيها بنفسها وتفرح بتقديمها إليه. وحسب أحد المقربين، تشعر باعتزاز كبير عند حديثها عن اليوم الذي التقت فيه زوجها لأول مرة وجملة من الذكريات تخصهما، سواء بالداخل أو بالخارج.
إذن، أحب الملك مواطنة مغربية استثمرت هذا الحب لتكوين عائلة عصرية، يضطلع كل طرف فيها بمهامه بشفافية. ومنذ ظهورها الأول، رأى فيها المغاربة المرأة التي ملكت قلب الملك، الواعية بالمكانة التي تحتلها، ليس في قلب زوجها فقط، ولكن في قلوب المغاربة، وهي التي وصفت بأميرة القلوب.
لقد أحب الملك مواطنة مغربية تمتاز شخصيتها بالصلابة والروح العلمية والمثابرة وقوة الإرادة، مدركة للقيمة المادية والمعنوية لما يحيط بها. كما تمتاز بسرعة وسهولة التكيف مع الناس، لاسيما البسطاء والصادقين مع أنفسهم والبعيدين عن التصنع، تحب التنقل والسفر ولا تتنازل عن اتخاذ قرارها بنفسها.
في نظر زميلاتها خلال مشوارها الدراسي، الأميرة لالة سلمى حلوة الكلام طيبة العشرة، تكد في عملها، وكانت أحيانا كثيرة تتعب نفسها لمساعدة الغير، قاسية مع نفسها في العمل ولا تهمل أي شاردة أو واردة، تعتمد بالدرجة الأولى على مجهودها وعملها مدركة قيمتها وقيمة الآخرين، وهذا ما يزيدها احتراما من طرف الغير. استقطبت قلوب زميلاتها بسهولة كبيرة لأنها صديقة وفية واجتماعية بطبعها. وقد تكون أحيانا فوضوية ومشاغبة، لكن من طبعها الهدوء والرزانة. أما زملاؤها بمجموعة “أونا” (التي كانت تعمل فيها كمهندسة حاسوب ومعلوميات)، يرون فيها تلك الموظفة التي يمكن الاعتماد عليها، ذات القلب الدافئ، من طبعها الإصرار والتصميم، هادئة على الدوام وتحب الطمأنينة.
وفي نظر المتعاونين معها، في المهام التي تضطلع بها، الأميرة لالة سلمى امرأة تجيد القيادة، لها قدرة على تحديد النواقص بسرعة للتركيز عليها قصد تجاوزها، ترفض كل الأمور التي لا تمت بصلة للمهام المنوطة بها، صارمة في تعاملها في نطاق العمل، لكنها صرامة عقلانية ومنصفة، وتمقت كثيرا تدبير الرداءة باعتبار أنها تقول دائما إن الرداءة لا تتماشى والتدبير العقلاني. وتولي الأميرة أهمية خاصة جدا لانطلاق الأمور، وكيفية الانجاز قبل الاهتمام بالنتائج، لكنها عنيدة لبلوغ الأهداف التي تحددها بدقة متناهية.
وإذا كانت هناك كلمة تعبر عن طبيعة الأميرة التي أحبها الملك، فهي الكفاءة، فقدراتها فائقة وبرهنت عنها بامتياز على امتداد مشوارها الدراسي الطويل وحياتها العملية رغم قصرها، وتتحلى بقدرة هائلة على الصبر والاحتمال مما أثار إعجاب المقربين منها، وتتوفر على قدر من الهدوء يفتقر إليه الكثيرون. ويكاد يجمع المقربون من الأميرة لالة سلمى أن سرها في النجاح هو هذا الصبر وهذه القدرة على الاحتمال، وكلما حققت هدفا من أهدافها يزيدها ذلك رغبة في الالتصاق بالناس وبهمومهم.
أول حديث الملك عن المواطنة التي ملكت قلبه
تعرف المغاربة على المواطنة المغربية التي ملكت قلب الملك قبل أن يتحدث عنها بلسانه، وكانت المرة الأولى التي تحدث فيها الملك محمد السادس عن الأميرة للا سلمى بمناسبة الحوار الذي أجرته الصحفية “آن سانكلير” (مجلة باري ماتش) في غضون سنة 2002، إذ سألت جلالته عما إذا كان الزواج سيغير من وضع عقلية الملك وسيحدث تغييرا في المؤسسات، فكان رد الملك محمد السادس آنذاك أن الزفاف سيتم، بعد إنهاء أشغال مقر الإقامة الجديدة التي سيقيم فيها مع زوجته سلمى بناني، مضيفا جلالته أنه التقاها قبل ما يزيد عن سنتين (أي سنة 1999)، موضحا أنها ليست ابنة مصرفي كما تم الترويج لذلك، وإنما هي كريمة أستاذ مقيم بمدينة فاس، ثم أكد جلالته أن الزواج لن يغير شيئا من عاداته، وان الاحتفال بالزفاف أمر عادي، وهي الصيغة التي اختارها مع زوجته سويا، للاحتفال بالزواج كسائر الأزواج المغاربة، في جو الفرح والاحتفالية.
كانت هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها الملك محمد السادس عن المواطنة التي امتلكت قلبه، وأصبحت أميرة، وأم ولي العهد، والسيدة الأولى في المملكة، وكل هذا تابعه المغاربة بكل شفافية لأول مرة في تاريخ المغرب. آنذاك اقتنع المغاربة أن حديث الملك عن رفيقة حياته بنفسه وعلانية، يعتبر خطوة فعلية على درب ترسيخ ديمقراطية حقة بالبلاد، والتي انتظروها طويلا وأدوا عنها ثمنا باهظا.
تزوج الملك عن حب
سبق للصحفية “ستيفاني لبرفين” (مراسلة “بي بي سي”) أن صرحت في إحدى اللقاءات، قائلة: “إن ملك المغرب تزوج عن حب، إنها عبارة قد تبدو بسيطة.. ولربما أضحت مبتذلة بين الناس، لكن معناها أكبر بكثير مما نتخيل، لاسيما بالنسبة لملك يضطلع بمهام جسام تستوجب أكثر من نوع من أنواع الحب، حب الوطن، حب الشعب.. وحب من استولت على القلب”.
لقد تعرف الملك على شريكة حياته عندما كان وليا للعهد، قبيل وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني كما سبق الذكر، وبعد اعتلائه عرش البلاد في نهاية يوليوز 1999، بدأ المغاربة يتساءلون بخصوص زواج الملك، لاسيما وأن هناك اعتقاد ظل سائدا في صفوف أوسع فئات الشعب مفاده أن ملك المغرب يتزوج قبل اعتلائه عرش أسلافه، لكن الإعلان الرسمي لخطوبة الملك في أكتوبر 2001 وزواجه في 21 مارس 2002، وضع حدا لهذا الاعتقاد الذي ظل سائدا على امتداد قرون. وبذلك يكون الملك قد تزوج عن حب من التي عرفت كيف تتسلل إلى قلبه لامتلاكه.
الأميرة والرياضة
للأميرة لالة سلمى علاقة يومية مع الرياضة، لكنها تولي أهمية خاصة لمختلف أنواع الرياضات المرتبطة بالرشاقة، للحفاظ على قوامها الممشوق (SVELTE)، تمارس الرياضة يوميا، وتواظب على الأنواع المرتبطة بترويض الجسم للحفاظ على حيويته ورشاقته، ومن حين لآخر تمارس العدو في الطبيعة، وتحرص على حصة المشي يوميا.
وبعد ولادة ولي العهد، اتجهت الأميرة إلى ممارسة رياضة التزحلق على الجليد أكثر من السابق، وخصصت لها وقتا كافيا حتى أتقنت مبادئها الأولى، بمساعدة مدربين مغاربة وأجانب، سواء داخل الوطن أو خارجه، لاسيما في الإقامة الملكية التي اقتناها الملك بالمنطقة الجبلية “كورشوفيل” بالديار الفرنسية، والتي دأبت الأميرة السفر إليها في رحلات خاطفة
أكمل القراءة
الجزء الاول من الملف / الجزء الثاني / الجزء الثالث /الجزء الاخير