رضوان الدليمي.
تعزز المشهد السياسي لإقليم بوجدور في الآونة الأخيرة، ببروز وجوه سياسية شابة، أبت إلا أن تطلع بدورها الريادي المتمثل في أهمية الإنخراط والمشاركة السياسية، في ظل العزوف عن الممارسة السياسية وما خلفته التراكمات السابقة بإقليم التحدي، الشيء الذي تسبب في إحداث هوة أو نوع من القطيعة مع الأحزاب السياسية المحلية، ولعل أن مرد ذلك يرجع إلى سنوات عجاف لم يتكلل فيهن تنزيل برامج الأحزاب النمطية ببوجدور على أرض الواقع، بحيث ظلت كل تلك المخططات كفقاعات الصابون الوردية، التي لم يدم عليها وقت طويل حتى انفجرت وكأنما شيئا لم يكن .
من بين هذه الوجوه الشابة، التي أبانت عن نيتها في الدخول الجاد إلى غمار الممارسة السياسية البناءة بإقليم بوجدور، شباب جمعية ملتقى الشرفاء أولاد أبي السباع، الذين برزوا بشكل ملفت على الساحة المحلية لبوجدور، عبر محطات متفاوتة برهنوا من خلالها عن إستعدادهم التام للذود عن حوزة الوطن، ولتقديم التضحيات الجسام وبذل العطاء في سبيل وحدة البلاد وقضايا العباد.
الجمعية التي أحدثت ضجة كبيرة عابرة، إخترقت في أول أنشطتها ببوجدور، جدار الصمت وخلفت أصداء إيجابية ذاع صيتها لدى الصغير و الكبير، قبل أن تكون السباقة إلى الإشادة بالإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فضلا عن مشاركة أعضائها بشكل مكثف في زيارة تاريخية للمعبر الحدودي المغربي الكركرات ، في خطوة مفعمة بروح الوطنية الصادقة، والتي لم يفت الإعلام الأجنبي أن تفاعل معها، بعدما سرقوا الأضواء بشكل عفوي، جعلهم محط أنظار كبريات القنوات العالمية.
هي مسيرة حافلة بالعطاء، يبدو على أنها لن تتوقف عند هذا الحد وفقط، بل هي بداية لمسلسل مشوق وأكثر إثارة، يحمل بين طياته الكثير من الأسرار والرسائل المشفرة، التي بات يبعثها الوضع الحالي ببوجدور جراء تسارع الوقائع والأحداث، وعلى بعد أمتار من الدخول إلى غمار الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، وهو ما لم تستسغه الوجوه التقليدية للمجالس المحلية المنتخبة، وذلك لاعتبارات عدة، لعل أن أبرزها يكمن في الوقع الذي خلفه أعضاء هذه الجمعية منذ تأسيسها إلى الآن رغم أنها حديثة العهد، لكنها تمكنت في ظرف وجيز من وضع موطئ قدم لها، واستطاعت أن تحقق ما عجزت عنه وجوه سياسية تقليدية على مدى أعوام متتالية محتشمة الإنجازات إن لم نقل أنها شبه منعدمة .
هذا الركود التنموي الذي يعزوه المتتبع للشأن المحلي لبوجدور، إلى غياب كفاءات محلية شبابية قادرة على تحقيق إقلاع ونهضة تنموية حقيقية، دفع الكثيرين إلى التفكير مليا في محاولة صناعة القرار التنموي المحلي، عبر إعلان المشاركة السياسية الجادة والمسؤولة، وهو ما أربك حسابات الذين عمروا لأكثر من عقود، في مناصب وأدوار لم يجن الإقليم من ورائها شيئا يذكر، اللهم إن استثنينا بعض المشاريع التي لم تتجاوز كونها ترقيعا لما سبقها من إهدار للمال العام، أو تلك انصبت مجملا في الحجر قبل البشر .