اختار تُجّار سوق البلاستيك الفلاحي المؤقّت بمدينة إنزكان الاحتجاج عبر ارتداء الأكفان والارتماء وسط خندق كبير، على شاكلة قبر جماعي، جرى حفره وسط السوق المذكور، وإحاطته بلافتات وأعلام وطنية وصور الملك؛ وذلك تعبيرا عن التنديد بما وصفوه “التهديدات التي تلقّوها من سلطات عمالة إنزكان آيت ملول، من أجل ترحيلهم من المكان، بعد تفويت السوق إلى أحد الخواص لتشييد باحة استراحة، وطحنهم بواسطة الآليات”.
ورفع المحتجون من داخل “القبر” شعارات ترفض أي مساس بمصدر قوتهم اليومي، واستنكروا غياب التعاطي الايجابي مع مطالبهم من طرف السلطات الإقليمية، التي تلقّوا منها تهديدات بإفراغ محلاتهم بالقوة عبر استقدام جرّافات لمباشرة أعمال الهدم، على حدّ تعبيرهم. كما طالبوا بتدخّل العاهل المغربي من أجل إنقاذهم من التشرّد الذي يتهدّدهم، نتيجة ما وصفوه بـ”جشع لوبيات العقار بالمنطقة، وتواطؤ مفضوح للسلطات الإقليمية معها”.
عزيز الحمري، رئيس جمعية الصداقة لتثمين النفايات الفلاحية والصيد البحري عضو النقابة الوطنية للتجار والمهنيّن، قال، ضمن تصريح صحفي إن “معاناة تجار البلاستيك ظلت مستمرة منذ سنة 1982؛ حيث تم تحويلهم من سوق الثلاثاء، بعد الحريق الذي أتى عليه، إلى وسط المحطة الطرقية الحالية، التي قضوا بها زهاء 5 سنوات، لتتوالى الوعود الكاذبة للسلطات؛ إذ تم تنقيل هذه الشريحة مرة أخرى إلى ملك جماعي، سوق الحرية حاليا، الذي قضوا به 4 سنوات، مقرونة بتأدية الرسوم الجبائية للجماعة”، بتعبيره.
وأورد المتحدث أن مسلسل ترحيل هؤلاء التجار تواصل إلى نقطة أبعد تقل فيها الحركة التجارية ذات الصلة بنشاطهم المرتبط أساسا بالفلاحين الصغار، وقال: “تم الزج بهم للمرة الثالثة في ضفة وادي سوس، ومع ذلك استمروا في أداء الرسوم الجبائية الجماعية، ليتم تحريض وكالة الحوض المائي من طرف السلطات بغية إزاحة التجار من مكان ممارسة نشاطهم؛ وذلك سنة 2014، بذريعة أن المكان ملك عام مائي، رغم أن بلدية إنزكان كانت قد منحت لهم رخص شغل الأملاك الجماعية موقتا لأغراض تجارية”.
وفي التطورات الحديثة القضية، صرّح المسؤول النقابي والفاعل الحقوقي ذاته بأن التجار جوبهوا بالتهديد بإحراق ممتلكاتهم وسط السوق من طرف عامل إنزكان، الذي أبلغهم بإشعار بالإفراغ في غضون 48 ساعة، مما حذا بهم إلى حفر قبور لأنفسهم آنذاك، لتتكرّر العملية اليوم، بعد ترحيلهم، مرة أخرى، إلى نقطة أبعد من السابقة، في الضفة الموازية لوداي سوس، على وعاء تابع للأملاك المخزنية، بنفوذ جماعة آيت ملول؛ وذلك “وفقا لبروتوكول اتفاقية، تشمل بنودا تضمن للتجار محلاتهم، وتقضي بعدم ترحيلهم إلا بعد الحصول على مفاتيح المحلات، وهو ما لم يحدث”، بتعبير الحمري
وبعد تفويت الوعاء العقاري الذي أُقيم عليه سوق البلاستيك الفلاحي المؤقت، واكتشاف ما وصفه التجار بـ “مسلسل التلاعب” بهم، دخل هؤلاء في سلسلة احتجاجات، ضمنها “الاستعداد للموت الجماعي” وسط السوق؛ وذلك لاستهجان المساس بـ”لقمة عيش وكرامة هذه الفئة من التجار، واستمرار مسلسل التهميش والتحقير الذي يُهديه المسؤول الأول عن الإقليم لتجار وحرفيي المدينة”، يقول المتحدث ذاته.
الحمري استنكر “المعاملات السيئة التي يتعرض لها التجار أثناء عملية الحوار مع مسؤولي العمالة”، واستغل المناسبة “لتثمين التوجيهات الملكية لوزير العدل والحريات حول مافيا العقار والتصدي لهم قانونيا وبكل حزم”، بتعبيره.