ما أن تطأ قدمك مركز الجماعة الترابية تغازوت، الواقعة بالنفوذ الترابي لعمالة أكادير إداوتنان، حتى تكتشف أنها ما زالت تعاني التهميش وركودا تنمويا مخيفا، وما زالت بثياب قرية نائية، حيث ما زالت الساكنة المحلية تنتظر المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين زيارتها لنفض غبار الحكرة والتهميش عنها، وإيصالها إلى ركب التنمية وإنصافها وإعطائها حقها المفقود في جميع المجالات.
بالرغم من كون مركز الجماعة المذكورة لا يبعد سوى 23 كيلومتر عن مركز مدينة أكادير، فإن دواويرها تفتقد إلى أبسط ضروريات العيش الكريم، إلى درجة أن “الزائر” يحسب أنه أمام بنية ترابية تحتضر؛ رغم الشهرة العالمية التي وصل إليها مركزها، وهو ما دفع الساكنة المحلية إلى استنكار ما يعيشونه من التهميش والإقصاء والإهمال من لدن المسؤولين المتعاقبين على تدبير شؤون المنطقة.
هذا ويعتبر مركز الجماعة القروية ” تغازوت ” واحدة من المناطق الأكثر تعقيدا على مختلف الأصعدة، إذ كونت مجالا قرويا تتوسطه أنوية سكنية قديمة، تطورت بشكل ملحوظ إلى أن كونت مركزا بمقومات حضرية، تحيط به دواوير وأحياء نبتت إثر طفرة البناء العشوائي، والتطور الديمغرافي؛ ما جعل واقع البنيات التحتية ومستوى الخدمات الاجتماعية يئنُّ موازاة مع الخاصيات الديمغرافية والمجالية والعمرانية لهذه الجماعة.
شارع رئيسي مهترئ
لا يخال للمرء وهو يدخل إلى تغازوت أنه يتواجد وسط مركز جماعة وصل صداها إلى العالمية، فالشارع الرئيسي الوحيد الذي يخترقها ظل لسنوات مثار امتعاض الساكنة ومستعمليه للعبور إلى المناطق المجاورة، حيث الحفر وتآكل الجنبات، وغياب تغطية مخلفات بعض الأشغال، مما يجعل استعمال هذا المحور ضربا من المغامرة؛ وتنضاف إلى ذلك العشوائية البادية لوقوف العربات بجنباته، في حين تزيد أعداد حافلات النقل المزدوج من تعقيد الأمور؛ ناهيك عن “امتصاص” جانب من الملك العمومي من طرف المحلات التجارية والمقاهي الشعبية.
وأمام الوضع الحالي للشارع الرئيسي بتغازوت، بما يتسم به من كافة مظاهر الفوضى، واهتراء كلي، فتجد نفسك مجبرا على المرور من وسط هذا الشارع الاستثنائي لتفرده وعدم وجود محاور أخرى، وكم عجّت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترات المطيرة بصور وتعليقات ساخرة، نقلت تحول هذا الشارع إلى برك ومستنقعات، تُعرقل مرور العربات والأشخاص. كما تحل المياه ضيفا على البيوت، حيث يبدو للعيان غياب قنوات تصريف مياه الأمطار، ما يجعل وجه تغازوت الرئيسي يتلطخ بالأوحال والمياه الراكدة، فيعم استياء في صفوف الساكنة وعموم مستعملي المحور الطرقي، سرعان ما ينجلي، لتظهر الأوجه الأخرى لواقع المسلك الأساسي، وتستمر المعاناة اليومية معه، في انتظار التفاتة من الجهات المعنية بحال تغازوت.
أزبال و روائح تستقبل الزوار.. وصبر المواطنين في خبر كان
إفادات استقاها الموقع من ساكنة تغازوت اعتبرت أن الوضع البيئي لازال في حاجة إلى مزيد من الجهود من أجل نظافة مركز الجماعة العالمي، والقضاء على بؤر الثلوث البيئي بالمنطقة؛ وأرجعوا ذلك نقص ملحوظ في الموارده البشرية المكلفة بالنظافة وتأهيلها بالإمكانيات اللازمة لأداء وظيفتها.
الواقع البيئي بتغازوت يجعل زوارها وساكنتها يشمئزون من الرائحة الكريهة التي تنبعث من بعض المجاري ومطرح الأزبال المؤقت، وينغص عليهم ذلك استمتاعهم بمناظر بحرية وجبلية غير متكررة، خاصة أن البلدة السياحية الشهيرة إلى حد الساعة لم تربط بشبكة الوادي الحار؛ لكن الذين عادوا إليها مؤخرا قد يلاحظون تحسنا في هذا الأمر؛ ذلك أن الكثير من تلك المجاري العادمة قد اختفت، في حين مازال “واد من الفضلات” يصب في البحر في الجهة الشمالية لتغزوت، في انتظار أن يتم ربط المنازل بشبكة التطهير الصحي، خاصة أن الأشغال بدأت في هذا المشروع.
ويستفز الوضع ساكنة الجماعة ويجعل صبرهم ينفذ أمام عدم تمكن المجلس الجماعي لتغازوت، والذي يترأسه محمد بوهريست، والذي مر على ترأسه للمجلس قرابة العامين، من تدبير وتسريع الاشغال ووضع أليات لتفادي الفوضى التي تعرفها أشغال إعادة تهيئة مركز تغازوت …، والتعثر الذي يصاحبها، فضلا عن عدم تمكن الجماعة من فرض تشغيل شباب المنطقة في مشاريع سياحية كبرى يتم إنجازها على أراضي تابعة للنفوذ الجماعي.
دواوير مجاورة والتنمية المفقودة
يبدو أن هاجس القائمين على تدبير شؤون هذه الجماعة بعيدون كل البعد عن إيجاد حلول والتفكير في إمكانية إحداث قفزة نوعية في التنمية بالدواوير التابعة لنفوذ الجماعة، خصوصا على مستوى كفة توازنات التنمية، فبينما تبدل جهود للنهوض بالمركز، فنجدها “مفقودة” في بعض الدواوير إلا من محاولات ترقيعية عبر استعمال أليات الجماعة لصيانة وإصلاح وتوسيع بعض المسالك المؤدية إلى بعض تخوم الجماعة.
وأشار متتبعون إلى أن دواوير تغازوت تعيش أزمة تنمية خانقة و حجرة عثرة أمام أي تحرك تنموي ينبني على غياب تصور تنموي أمام مسيري الشأن العام بالجماعة، مما يجعل أبناء المنطقة يرزحون في ظل البطالة التي تحاصرهم، ولا يجدون بدا من مغادرة أراضي الأجداد صوب المدن القريبة، أو خوض مغامرة ركوب الموج أملا في الرجوع بأسماك معدودة يتم بيعها لقضاء متطلبات المعيش اليومي.
هي إذن جماعة أشبه بقرية، دبّت العشوائية في كل مناحي الحياة بها؛ أحياء و أزقة مهمشة تنتظر تسريع أشغال الصرف الصحي والتبليط، دواوير ببنايات عشوائية، أسواق غير منظمة، حتى وسط الشوارع والأزقة والأحياء، احتلال واضح للملك العمومي، شارع رئيسي يحمل الاسم فقط…كلها وأخرى مظاهر تخدش وجه هذه الجماعة، غير أن رئيس المجلس الجماعي يرى عكس ذلك، بل متفائل بمستقبل تغازوت، ويطمح في المدة المتبقية له في تدبير شؤون الجماعة إلى تغيير ما يمكن، فهل طموحه ممكن أم أن يجري وراء سراب