تزين إقليم تاونات، خلال الأسابيع الماضية، بحلة إبداعية لافتة مع فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان مزيات للإبداعات الشبابية، المنظم تحت شعار ذي دلالة عميقة “شباب يصنع المستقبل… بروح المسيرة والاستقلال”، في تجسيد واضح لرهان الثقافة والفن كرافعتين أساسيتين لتنمية قدرات الشباب وتعزيز انخراطهم المجتمعي.
وامتدت هذه التظاهرة الثقافية والفنية من 29 نونبر إلى غاية 19 دجنبر 2025، حيث شكلت فضاءً مفتوحاً للتلاقي بين الأجيال الصاعدة وقيم الابتكار والإبداع. وقد انطلقت أولى محطاتها من دار الشباب الوحدة بمدينة تاونات، فاتحةً المجال أمام طاقات شابة تنافست في مجالات المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، قبل أن تتوسع رقعة الأنشطة لتشمل عدداً من المراكز والفضاءات الثقافية عبر مختلف مناطق الإقليم.
وتميزت دورة هذه السنة بتنوعها الجغرافي والبرنامجي، إذ تنقلت لجان التحكيم والأطر المشرفة بين دار الشباب الرميلة، ودار الشباب اخلالفة، ودار الشباب غفساي، ومؤسسة التفتح الفني للتربية والتكوين، إضافة إلى فضاءات فنية خاصة من بينها المقهى الفني “Artistico”، الذي احتضن سهرات موسيقية شبابية راقية.
ولم يقتصر المهرجان على المسابقات الفنية التقليدية، بل انفتح على مستجدات العصر من خلال إدراج جائزة التميز في الروبوتيك، في خطوة تعكس وعي المنظمين بأهمية التلاقي بين الإبداع الفني والتطور التكنولوجي. وقد تحقق ذلك بفضل تنسيق ميداني مكثف جمع بين أطر دور الشباب، وجمعية “أجيال”، وحركة الطفولة، إلى جانب فعاليات المجتمع المدني.
وفي إطار تعزيز التواصل مع الساكنة المحلية، احتضنت منطقة غفساي عرضاً مسرحياً موجهاً للعموم، في مبادرة تؤكد قدرة المهرجان على إخراج الفعل الثقافي من القاعات المغلقة إلى الفضاءات المفتوحة. ومع تواصل الإقصائيات والتداريب الموسيقية طيلة النصف الأول من شهر دجنبر، اتجهت الأنظار نحو المحطات الختامية الكبرى.
وقد بلغت الرحلة الإبداعية محطتها النهائية يوم الجمعة 19 دجنبر، من خلال سهرة فنية كبرى خُصصت لتتويج الفائزين، احتفت خلالها مدينة تاونات بمبدعيها الشباب في أجواء احتفالية متميزة، أحيتها مجموعة من الفرق الشعبية المحلية، التي أضفت على السهرة طابعاً تراثياً أصيلاً.
وشكّل هذا الحفل الختامي تتويجاً لمسار حافل بالعمل الدؤوب والتأطير المهني، الهادف إلى تمكين الشباب من أدوات التعبير الفني، وترسيخ ثقافة الاستحقاق والتميز، باعتبارها ركائز أساسية لبناء مستقبل مشرق ينسجم مع طموحات الناشئة ويصون الإرث الثقافي للإقليم.
وفي تصريح بالمناسبة، أكد هشام البوزيدي، رئيس جمعية أجيال، أن مهرجان مزيات للإبداعات الشبابية أصبح موعدا سنويا راسخا لاكتشاف الطاقات الصاعدة وصقل مواهبها، مبرزا أن هذه الدورة عكست بوضوح الرهان على الشباب باعتبارهم فاعلا أساسيا في بناء المستقبل، لا مجرد مستهلك للفعل الثقافي.
وأضاف البوزيدي أن تنوع فقرات المهرجان وتوسعه الجغرافي داخل إقليم تاونات يعكسان حرص الجمعية وشركائها على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص، وتمكين أكبر عدد ممكن من الشباب من فضاءات التعبير والإبداع، مشدداً على أن إدراج مجالات حديثة كـالروبوتيك إلى جانب الفنون التقليدية يندرج في إطار مواكبة التحولات التكنولوجية وربط الثقافة بالابتكار.
وختم رئيس الجمعية تصريحه بالتنويه بالدعم الذي وفرته مختلف المؤسسات الشريكة والسلطات الإقليمية والمحلية، وبالمجهودات التي بذلها الأطر التربوية والفنية، مؤكدا أن نجاح هذه الدورة يشكل حافزا قويا لمضاعفة العمل خلال الدورات المقبلة، بما يليق بطموحات شباب الإقليم ومكانته الثقافية.
وجدير بالذكر أن هذه التظاهرة نظمت بدعم من وزارة الثقافة والتواصل “قطاع الثقافة”، وبتعاون مع المجلس الإقليمي لتاونات، والمديرية الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة، والمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة والتواصل “قطاع الشباب”، وجماعة تاونات، وبتنسيق مع السلطات الإقليمية والمحلية ومؤسسة التفتح الفني للتربية والتكوين.








