يقف المواطن الروداني، في الآونة الأخيرة، مذهولا أمام العدد الكبير من المهرجانات بإقليم تارودانت، بعناوين مختلفة، يقال إنها ذات بعد تنموي وثقافي.. تنظم بمختلف مناطق الإقليم وعلى مدار السنة، فقد ارتفع هذا العدد بشكل مثير للغاية تحت ذريعة أهمية المهرجانات ذات البعد التنموي والثقافي والتي تنظم بغاية تستهدف خدمة المواطن ثقافيا واجتماعيا، لكن الغريب أنه في السنوات الأخيرة بدأت تظهر أنواع من المهرجانات، تعقد تحت شعارات الثقافة والتنمية والاحتفالية…إلا أن المتتبع لمساراتها سيكتشف مدى ابتعاد تلك المهرجانات عن المضامين الثقافية والتنمية الحقة، لتدخل في نفق من الأنشطة المبتذلة والبعيدة عن روح المواطنة.
ففي الوقت الذي تواجه به مطالب الفئات المستضعفة من المواطنين بالتجاهل والتماطل والتسويف والتعلل بالإكراهات وقلة ذات اليد وغيرها من المبررات الجاهزة، ونقص في الماء الصالح للشرب أو غيابه ببعض مناطق الإقليم، نجد بموازاة كل ذلك غياب ترشيد ما هو موجود من الموارد والأموال في مجالات شتى من نواحي إنفاق المال العام.
في هذا الإطار يمكن أن تطرح مجموعة من الأسئلة منها: ما هو سر غلبة المهرجانات التافهة على المهرجانات الجادة ؟ ثم كيف تطورت طرق وصيغ تدبير المهرجانات التي تقام في الإقليم؟ وهل فعلا هاته المهرجانات تساهم في الارتقاء بميادين التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؟
فأغلب المهرجانات بالإقليم تنظم بصيغ غير ديمقراطية، من قبيل تكليف جهات غير منتخبة بالسهر عليها، أو تقديم المجالس المنتخبة لمساعدات لجمعيات معينة قصد التكليف بالتنظيم وبالتالي حضور معطى المحسوبية والزبونية.
كما يتم تغييب النزاهة في تدبير الكثير من المهرجانات التي تقام على صعيد الإقليم، مما يطرح معه، إلى جانب تبذير المال العام، معطى المساءلة وتدقيق الحسابات، وهو ما يتعذر في أغلب الحالات نظرا لتشابك المساهمين في التمويل والتنظيم.
السؤال الثاني المطروح هو إلى أي حد تساهم مثل ها ته المهرجانات في تفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ترفعها كشعار مختلف ها ته المهرجانات، فالمتمعن في برامج أغلب المهرجانات المستحدثة، يلحظ غلبة طابع الإثارة الغنائية على أغلب برامجها، كل ذلك في غياب كلي في بعض الحالات للأجناس التنشيطية الأخرى مثل المحاضرات والندوات والأنشطة الموازية الهادفة.
فإذا كانت الغاية من المهرجانات غايات نبيلة ينبغي أن تنظم المهرجانات بأقل التكاليف وتراعي الخصوصية المغربية بحيث لا تكون مناسبة لتبذير المال العام.