وعزيز محسن.
يبدو أن الجزائر دخلت نفقا مسدودا بعد الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية في السنتين الأخيرتين، وبعد أن بدأت دولة النفط والغاز في استنفاد مخزونها من العملة الصعبة، وهذا ما دفع مسؤولين جزائريين لدق ناقوس الخطر.
قال عبد الرحمن خالفة، وزير المالية الجزائري السابق والخبير المالي، إن “الانفتاح على المؤسسات المالية الإفريقية والعربية والمتوسطية والبنوك والمصارف الدولية، بات ضرورة ملحة خلال المرحلة المقبلة، للتمكن من تمويل المشاريع العالقة، ويندرج ذلك في إطار البحث عن شركاء أجانب لتخليص الخزينة من عبء تمويل كافة المؤسسات، إلا أنه شدد بالمقابل على أن الحكومة لا يجب أن تطرق أبواب هذه المصارف المالية عبر الهيئات الرسمية ممثلة في وزارة المالية وبنك الجزائر، وإنما عبر رجال الأعمال الذين سيقودون حملة خلال المرحلة المقبلة لجلب رؤوس الأموال إلى الجزائر، مؤكدا أن اتخاذ مثل هذا القرار لا يعني بالضرورة الاستدانة الخارجية، وإنما يمكن فهمه على أساس أنه شراكة بدعم مالي من الهيئات الإفريقية”.
وأشار إلى أنه لا يجب أن تكتفي الجزائر بالبنك الإفريقي للتنمية، بل يجب عليها خلال المرحلة المقبلة، التوجه نحو كافة المؤسسات المالية الإفريقية والعربية وحتى المتوسطية، فالجزائر في نظره في حاجة إلى الانفتاح على الشركاء الأجانب والمؤسسات لتدويل الاقتصاد الجزائري وتلميع صورته في الخارج، عن طريق ضخ الاستثمارات، ولن يكون ذلك إلا عبر منظومة مهيكلة لرجال الأعمال والشبكات المصرفية، وهو ما سيتيح للمتعاملين الاقتصاديين جلب الأموال إلى الجزائر والتصدير إلى القارة الإفريقية، ويتعلق الأمر بالسلع والخدمات على حد سواء.
لم يكن حكام الجزائر ينظرون إلى إفريقيا على أنها موضوع للاستثمار، وظلوا يعتبرونها مكانا لتقديم الرشاوى لبعض المسؤولين قصد تحديد مواقف معادية للمغرب، لكن مع التدهور الذي تعرفه أثمنة النفط في السوق الدولية لم يعد لدى الجزائر ما تمنحه للآخرين، بل أصبحت اليوم تستجدي الأبناك الإفريقية بطريقة التسول وليس بالطريقة التي يعرفها خبراء المال والأعمال.
لقد كانت الجزائر تتعامل مع الدول الإفريقية كمحميات صغيرة تغذق على زعمائها الملايير التي تذهب لحساباتهم البنكية، وذلك مقابل تقديم الدعم لجبهة البوليساريو، لكن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فقد استيقظت اليوم القارة السمراء ولم يعد مقبولا رهن بلدان بأكملها لرغبات زعماء يتقاضون رشاوى من بلاد النفط والجزائر، كما أن هذه الأخيرة لم يعد لديها ما تنفقه في نظام الرعاية الاجتماعية.
الجزائر اختارت نظاما للرعاية الاجتماعية، لكنه لم تبنيه وفق أسس علمية لأن الغرض منه هو إسكات الشعب، اليوم بعد أن انتهى عصر الطفرة النفطية لم يعد لدى الدولة الجزائرية أو نظام العسكر الاعتمادات الكافية للقيام بهذا النظام، فشرعت في سياسة التقشف حيث إن قانون المالية لسنة 2017 يعتبر كارثيا بخصوص ضرب كل ما هو اجتماعي.
ولتفادي التوترات ستشرع الجزائر في التسول على بوابة الأبناك الإفريقية، التي يصعب عليها الثقة في نظام اقتصادي ومالي سائر في طريق الانهيار.