بعد إملشيل، شهدت المستشفيات العمومية بمدن تزنيت وشيشاوة ووزان، قبل أيام، مآسي جديدة بسبب الإهمال، إذ توفيت حامل من مواليد 1987، بالمستشفى الإقليمي أبي القاسم الزهراوي بوزان، في حين شهد المستشفى الإقليمي لشيشاوة، تسبب المولدة في قطع الشفة العليا لمولودة أثناء محاولة توليد شابة، بينما صار مستشفى تزنيت يوجه الحوامل إلى أكادير لعجزه في التكفل بهن.
وكشفت حقوقيون، لمناسبة الاحتجاجات التي اندلعت بوزان، عقب وفاة الحامل، أنها حلت مساء الجمعة الماضي، بالمستشفى من أجل الوضع، فتمت مساعدتها على الولادة، غير أن النزيف استمر فتوفيت ساعتين بعد الولادة، لكن تكتم المستشفى عن الوفاة ولم يخبر الزوج إلا بحلول الفجر، الشيء الذي أثار شكوكا بشأن تعرضها للإهمال، فاندلع الاحتجاج.
وانطلقت مسيرة للسكان وهيآت حقوقية من أمام المستشفى، جابت شوارع المدينة باتجاه عمالة الإقليم، ورفع خلالها المحتجون شعارات من قبيل «هذا عار هذا عار، الحوامل في خطر»، في وقت تقدم فيه الزوج بشكاية ضد المستشفى أمام النيابة العامة، للمطالبة بالتحقيق في ظروف الوفاة.
وفي سوس، اضطرت أسر سبع حوامل، يتحدرن من مناطق مختلفة في أقاليم سيدي إفني وتزنيت، خلال الأسبوع الأول من مارس الجاري، إلى نقلهن على وجه السرعة، حسب مصادر في قطاع الصحة، إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، على خلفية عجز المستشفى الإقليمي الحسن الأول عن التكفل بهن، بسبب العجز الحاصل في قسم الولادة، بفعل غياب العدد الكافي من الأطباء.
وآخر حالة، تأكد نقلها إلى أكادير، لإنقاذ حياتها، تخص حاملا شابة، تتحدر من جماعة بونعمان، نقلت إلى المستشفى الإقليمي في منتصف الليل، لكن غياب الطبيب المختص، وعدم تلقيها التكفل اللازم، أدخلاها في غيبوبة، تطلبت نقلها فجرا إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير .
وقبل نقل الحالات السبع إلى أكادير، صدرت تحذيرات عن نشطاء مدنيين ومصادر طبية في المستشفى الإقليمي، نهاية فبراير الماضي، كشفت أن الأزمة تتربص، خصوصا، بقسم الولادة في مستشفى الحسن الأول، على خلفية قبول الإدارة الصحية استقالات أطباء والموافقة على انتقال آخرين دون تعيين من يعوضهم.
وتم قبول آخر استقالة قبل أيام، وتقدم بها طبيب متخصص في التوليد، فلم يبق في القسم الذي يستقبل سنويا 5000 حامل، سوى طبيب واحد ينتهي دوام عمله في الرابعة بعد الزوال، ما يعني أن الحوامل اللواتي يردن على القسم ليلا، وتقتضي حالتهن الخضوع لعمليات قيصيرية، مطالبات بالانتظار إلى اليوم الموالي، أو نقلهن إلى أكادير إذا تفاقمت وضعيتهن الصحية.
أما في شيشاوة، فقد كشفت حامل شابة، في نداء تطالب فيه بإنصافها، أنها حلت السبت الماضي بالمستشفى الإقليمي محمد السادس، بغاية مساعدتها على الوضع، لكنها أخبرت أنه لم يحن الموعد بعد، وطلب منها الانتظار، وتعرضت لسوء المعاملة،فظلت بالمستشفى من العاشرة صباحا إلى الخامسة مساء، حيث أجري لها فحص وأخبرت أن جنينها متوف، ويجب أن تنقل إلى مراكش لاستخراجه.
وقالت الضحية، إنها ظلت تنتظر، لتخبر مجددا أنه لا يوجد من ينقلها إلى مراكش، تقرر إخضاعها لعملية، شهدت بتعبيرها «قيام الجراحة بالعبث بجثمان المولود، إذ قطعت أنفه وهي بصدد استخراجه»، في مشهد تنهار الأم بكاء كلما تذكرته، مؤكدة أنه لم يتم توليدها بحجة عدم حلول الموعد، رغم تأكيدها أن حملها استكمل تسعة أشهر وبضع ساعات، ما يستدعي في نظرها مساءلة المشرفين على المستشفى لما تعرضت له.
تنديد حقوقي
دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عبر فروعها المحلية، على خط مآسي الحوامل بإقليمي وزان في الشمال وتزنيت بالجنوب، فنددت بـ»الوضع الكارثي الذي يعيشه القطاع الصحي»، والذي من مظاهره «وفاة الحامل نتيجة إهمال طبي بوزان». وأكدت الهيأة نفسها أن الحادث، «كشف زيف الشعارات التي تتغنى بها الحكومة من قبيل المساواة وحقوق المرأة»، وفضح أيضا درجة المعاناة التي يتعرض لها المرضى داخل المستشفى الإقليمي لوزان، وهو الأمر الذي سبق أن نبه إليه الفرع المحلي للجمعية، في تقارير وبيانات لم تتفاعل معها السلطات.
ودعت الهيأة الحقوقية، في ما يخص الوضعية بتزنيت، وزارة الصحة إلى التدخل الفوري لحل مشكل الخصاص الحاد في الأطباء الإختصاصيين بقسم الولادة بالمركز الاستشفائي الحسن الأول، والذي صار يمثل انتهاكا للحق في الولوج إلى الخدمات الصحية بالمرفق العمومي وتهديدا للحياة وللسلامة البدنية وللأمان الشخصي للنساء الحوامل.