أكد وزير العدل، محمد أوجار، أول أمس الاثنين بالرباط، أن وزارة العدل اتخذت مجموعة من الإجراءات التشريعية والتنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ونظرا لخطورة الظاهرة، تم تشكيل لجنة تحت إشراف الوزير ضمت في عضويتها كل الجهات المتدخلة في الموضوع.
وأوضح أوجار، في معرض رده على سؤال شفوي حول “الإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة العدل من أجل مواجهة ما أصبح يعرف بمافيا العقار”، تقدم به فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن هذه اللجنة اتخذت مجموعة من التدابير همت تشخيص الظاهرة انطلاقا من القضايا المعروضة على المحاكم، والتي بلغ عددها 57 قضية، حيث تبين أن أغلب القضايا تتمركز ببعض المدن الكبرى وتنصب على عقارات في ملكية الأجانب أو المغاربة المقيمين بالخارج، والتي تكون في أغلب الأحيان فارغة أو مستغلة من طرف أشخاص تربطهم قرابة أو معرفة بالملاك.
وأكد الوزير، أنه في إطار التشخيص، تبين أن من بين الأسباب التي تساهم في تفشي ظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير واستفحالها، اعتماد الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية، ووجود بعض أوجه القصور من الناحية التشريعية في ما يخص صلاحية السلطة القضائية المختصة لعقل العقارات محل الاعتداء، ومنع التصرف فيها إلى حين البت في القضية، ووجود اختلاف في العقوبات الزجرية بخصوص جرائم التزوير التي يرتكبها محررو العقود، فضلا عن وجود قصور تشريعي واضح في تنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية، لا سيما تلك التي يكون محلها العقارات.
وأشار أوجار إلى أنه من أجل سد هذه الثغرات القانونية التي يستعملها مرتكبو جرائم الاستيلاء على عقارات الغير، أعدت الوزارة مجموعة من النصوص القانونية.
واستعرض وزير العدل الإجراءات والتدابير المتخذة على المستوى التشريعي، والتي شملت تعديل المادتين الثانية والرابعة من مدونة الحقوق العينية بإضافة الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك، بهدف سد القصور والحد من حالات التزوير التي تطول الوكالات العرفية، وتبني تعديل يضمن حماية المقيد حسن النية انسجاما مع الفصل 66 من قانون التحفيظ العقاري، مع التفكير في وضع آلية لتعويض المالك الأصلي الذي كان ضحية زور أو تدليس، عن طريق التفكير في إحداث صندوق للتأمين تتم من خلاله تأدية المبالغ المحكوم بها لفائدة هذا المالك، وذلك في حالة عسر المسؤول عن الضرر أو عدم العثور عليه.
وشملت هذه الإجراءات، أيضا، يضيف الوزير، تقديم مشروع قانون لتعديل مقتضيات الفصل 352 من مجموعة القانون الجنائي، في ما يخص توحيد العقوبة بخصوص جرائم التزوير بين جميع المهنيين المختصين بتحرير العقود من موثقين وعدول ومحامين، بهدف تحقيق الردع المطلوب، ومنح ممثل النيابة العامة وقاضي التحقيق والمحكمة الصلاحية في اتخاذ تدبير عقل العقار موضوع البحث الجنائي أو الدعوى العمومية الجارية، كإجراء تحفظي، وذلك إلى حين البت في القضية.
وتابع أوجار أنه تم، كذلك، تقديم مشروع قانون آخر يهم تنظيم تسجيل عقد الوكالة المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها مع إدخال تغييرات في التنظيم القانوني للشركات المدنية التي لا تمارس أعمالا تجارية، وذلك بإلزامها بالتقييد في سجل الشركات المدنية العقارية.
وبخصوص الإجراءات التنظيمية، يضيف الوزير، فقد تم إنجاز تطبيق إلكتروني من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يحمل اسم “محافظتي”، يتم من خلاله إشعار المالكين بالتقييدات التي ستنجز على رسومهم العقارية عبر رسائل نصية وإلكترونية، والقيام بعملية جرد وحصر للعقارات المحفظة المهملة المملوكة لمتغيبين أجانب أو مغاربة لاتخاذ الترتيبات اللازمة لحمايتها. وأسفرت عمليات جرد العقارات المهملة، بتنسيق بين وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، عن حصر 4037 رسما عقاريا محفظا مهملا، حيث تم اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية هذه العقارات، من خلال وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة “عقار مهمل” بملف الرسم العقاري المعني، وكذا بقاعدة المعطيات العقارية المعلوماتية لدى المحافظة العقارية، مع حث المحافظين على الأملاك العقارية على الاحتراز الشديد في دراسة المعاملات والبت في الطلبات التي ترد عليهم والمتعلقة بالعقارات المهملة