أثار استفراد عدد من المدارس الخصوصية بجهة سوس ماسة وتصرفها المطلق في اختيار الكتب الأجنبية واعتمادها كمقررات رسمية، بدل الإستئناس بها ككتب للدعم الموازي ردود فعل غاضبة، حيث يروج أغلبها لمنظومة قيم يُجهَل ملائمتها للمنهاج الدراسي المغربي الرسمي المعتمد، ومازالت تداعيات بعضها لم تنسى بعد-واقعة الإساءة للدات الإلاهية من خلال تصوير الله في نص قرائي بأنه إله صغير، أخذ ورقة وألوانا وبدأ في خلق العالم… -، حيث عجت مواقع السوشيال ميديا بالانتقادات اللاذعة، فيما تعالت أصوات تندد وتستنكر بما يحصل من عبث، في وقت كان جديرا بأكاديمية سوس ماسة ومديرياتها وجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ الصورية بالقطاع الخصوصي احترام مقتضيات المادتين 4و8 من القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي والمذكرات الوزارية الصارمة في هذا الشأن.
و فسر خبراء القطاع هذا الفعل الخطير الذي يستوجب المحاسبة من قبل الوزارة وتشديد الرقابة من قبل الإدارة المختصة( الأكاديمية التي تنتهج سياسة كم حاجة قضيناها بتركها)، بتواطئ محتمل أساسه تحصيل وتنويع مصادر الربح من خلال السكوت وتقديم الأسر المكلومة(المتضررة من تداعيات جائحة كورونا والتي تؤدي بصعوبة الأقساط الشهرية عن دراسة أبنائها) على طابق من ذهب للوبي التعليم الخصوصي، الذي يبدع ويتفنن في نهش الأسر من خلال إثقال كاهل الأسر بفرض المزيد من المصاريف، يستفيد منها بمعية مروجي الكتب(المكتبات، دور النشر، الوسطاء…) على الرغم من تحذيرات الوزارة في مناسبات عدة لقطاع التعليم الخصوصي، وإجبار مؤسسات التعليم الخصوصي على سحب الكتب التي لم تتقيد بمسطرة المصادقة تحت طائلة تعريضها لعقوبات زجرية قد تصل حد إغلاق المؤسسات المخالفة.
ويرى المهتمون أن الأسر يتم سحقها واستنزافها بمسميات عدة، ولا يهتم المسؤولون عن القطاع بجهة سوس ماسة لفلدات أكبادهم، دليلهم في ذلك الإهمال والتجاهل غير المبرر لمنظومة القيم التي تروج في هذه الكتب الموازية والتي تشغل حصة الأسد في الزمن المدرسي الخصوصي(فوق ثمن ساعات ونصف حسب كل مستوى) بعدما نجحت لوبيات التعليم الخصوصي في تسويقها وفرضها كنوع من الماركوتينغ تزين به مؤسساتها لتسويق الوهم، وإجبار الأسر المغلوبة تبعا لذلك على الرضوخ، واتخاد ذلك سبيلا لاستنزافها نهارا جهارا وعلى رؤوس الأشهاد، أمام السكوت المريب للمسؤولين وفي تنسيق تام مع مصاصي الدماء من مروجي وبائعي الكتب الأجنبية التي تسوق بمبالغ ملتهبة (بعض الكتب يبدأ ثمنها من 650dh).
ويبقى السؤال المطروح ماهو عدد المدارس الخصوصية التي عرضت مشاريعها التربوية، وبصيغة أبسط الكتب الدراسية على الاكاديمية الجهوية لسوس ماسة؟! وهل اشتغل السادة المفتشون التربويون خلال شهر يوليوز على دراسة هذه المشاريع التربوية، وإبدائهم تبعا لذلك لأرائهم أم تم تمتيعهم بمزيد من الصلاحيات وتسريحهم قبل ذلك “بخربشة” محضر الخروج تمهيدا لتكليف هيئة الموظفين المحلفين المنصوص عليها بالمادة 19 من القانون رقم05/00 والمادة 30 من القانون06/00 بمعاينة المخالفات بعد فوات الأوان كتخريجة لها من هذا المأزق الخطير في غياب مراقبة حقيقية وتتبع على طول العام ومدار السنة!!.
وتعج السوق السوداء للكتب الأجنبية الموازية بمئات الكتب لمختلف الأسلاك، أزيد من 48 كتاب أجنبي مواز بالتعليم الأولي لم تصادق الوزاوة إلا على 25 مجموعة تربوية متوافقة مع النمودج البيداغوجي المعتمد في الإطار المنهاجي للتعليم الأولي، وأزيد من 71 كتاب أجنبي مواز بالثانوي الإعدادي لم تتم المصادقة بمجموع الأكاديميات إلا على مايقارب 34 كتاب منها، وسيل من الكتب الموازية بالثانوي التأهيلي بعضها مليء بالأخطاء البيداغوجية والديداكتيكية والمادية لدرجة أن المصادقة على بعضها من طرف بعض الأكاديميات يتم سحبها فيما بعد من طرف اللجنة المكلفة نتيجة لعدم المراجعة، وأزيد من 200 كتاب أجنبي مواز بالإبتدائي لم تتم المصادقة إلا جزء يسير منها، وكلها كتب تدر أرباحا خيالية حددتها مصادر مستقلة في نسبة 35% من كل كتاب، والمثير للغرابة في الأمر أن بعض المؤسسات الخصوصية تعتمد كتبا أحنبية موازية غير مصادق عليها وكثيرة هي الأمثلة بالمدارس الخصوصية بتيزنيت- تم اعتماد اصدارات(Arc enciel,L île aux mots )ولم تُحْتَرَم مسطرة المصادقة، فيما صرح مصدر من القطاع الخصوصي أن مدير الاكاديمية الحالي لا يجيب لبعض المؤسسات الخصوصية التي تحترم مسطرة ايداع مشاريعها البيداغوجية وتعتبر سكوت الإدارة ترخيصا وموافقة لاشتغالها بهذه الكتب، فيما يرى متتبعون أن أول من يسيء لهده الكتب إن تبين انها فعلا تحترم ماهو مقرر في المنهاج الدراسي المغربي هو الإدارة التي لا تدرس هذه المشاريع البيداغوجية ولا تحترم المسطرة المقررة في هذا الشأن قبل أن تتحمل المؤسسات المحترمة للمسطرة لما تبقى من المسؤولية إذ كيف يعقل أن يتم الإستغال بكتب اجنبية لم تحصل على ترخيص من اكاديمية سوس ماسة فيما يكتفي مدير الأكلديمية في احتماعاته مع ممثلي القطاع بالتصريح ان عدم الرد في حد داته جواب وموافقة ضمنية، مما يستوجب تدخل السلطات الحكومية لجمع هذه الكتب من السوق السوداء بعد تقاعس إدارات التعليم جهويا ومحليا لحماية منظومة القيم الوطنية المهددة، فيما يحتفظ الموقع بمجموعة من الكتب المعتمدة بدون ترخيص حتى استكمال تحقيق عن القيم التي تروجها.
والمثير للاستغراب أن أغلب مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تجنح لاختيار كتب موازية أجنيبة(فرنسا، لبنان، بلجيكا، تونس…) غير مصادق عليها من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوبن المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وتسوق لها”Marketing” من باب ما يسميه المتتبعون التحايل على الأسر وإيهامها أن خدماتها نسخة طبقا للاصل للتعليم بالدول الأجنبية -فرنسا، بلجيكا…- وهي حيلة تدليسية لتبرير المصاريف الملتهبة التي تكوى بها الأسر المسحوقة وتدعن لها رغبة في تعليم جيد لفلدات أكبادها، قبل أن تُعكس الآية وتعتمد هذه الكتب بشكل رسمي خارج سياق المنهاج الدراسي، وتبعا لذلك يتم الإستغناء الكلي عن الكتب الدراسية المصادق عليها من قبل الوزارة أو يتم الاستئناس بها فقط، في خرق سافر لمقتضيات المادتين 4 و 8 من القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، التي تلزم المدارس الخصوصية بعرض مشاريعها التربوية على موافقة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، وهو ما لم يحدث في الموسم الدراسي السابق(20/21) ولا اللاحق(21/22) وإذا اخدنا بعين الإعتبار إحجام الاكاديمية عن الرد عمن تقدموا بمشاريعهم التربوية على قلتهم ، كما هو منصوص عليه بالمراسلة الوزارية رقم 10-382 بتاريخ 30 شتنبر 2010 ، والمذكرة الوزارية76/21 التي نسخت المذكرة الوزارية رقم141 بتاريخ11اكتوبر 2006، التي تلزم المدارس الخصوصية على عرض نماذج من الكتب المدرسية الموازية على الأكاديميات خلال شهر يونيو من أجل الموافقة على تداولها في الموسم الدراسي الموالي، منا يعد كارثة تدبيرية خطيرة تتحمل فيها الأكاديمية حصة الأسد.
ويرى المتتبعون أن هيئات مؤسسات التعليم الخصوصي يبقي دورها شكليا وضعيفا، وهو ما يتضح جليا في ضعف تدخلها في محاور عديدة أبرزها غياب تكوين المديرين التربويين في المجالات التدبيرية: المالية والإدارية والتربوبة… في حين أن جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ بالتعليم الخصوصي تبقى شكلية وصورية ولا يرى لها أي أثر أو تأثير في الواقع ولا يسمع لها أي صدى، خصوصا أنها تعلم خطورة اعتماد كتب أجنبية في حين أن الأطر المرجعية للإمتحانات الإشهادية ترتبط أساسا بالكتب المقررة والمصادق عليها وطنيا والتي تحترم المنهاج المغربي، وكما تعلم أن تعدد الكتب المعتمدة بالقطاع الخصوصي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص ويثقل كاهل الاسر-ماديا- ويعمق الضغط على التلاميذ المتمدرسين ويثقلهم – خاصة في المستويات الإشهادية- جسمانيا ونفسيا دون الحديث عن معاناة المدرسات والمدرسين بالقطاع الخصوصي الذين يستنزفون ويستغلون أبشع استغلال-نمودج أساتذة بمدارس التعليم الخصوصي بتيزنيت يشتغلون 38 ساعة أسبوعيا بأجرة شهرية زهيدة لا تحفظ للأستاذة والاستاذ كرامتهم وتجبرهم مقاولات التعليم الخصوصي على اقتناء الدلائل والمعينات الديداكتيكية والأقراص المدمجة المتنوعةو… على نفقتهم الخاصة-، في حين ان بعض المواد لا تدرس ببعض المؤسسات بشكل صحيح ولا يحصل منها التلاميذ إلا علي حصتين في السنة-مثال مادتي الإعلاميات والإنجليزية، الفلسقة- لتضطر الأسر مكرهة للإنصياع لبيزنيس الساعات الإضافية التي يتفنن بعض المفتشين في تقديمها للاسر بأسعار خيالية للأسر في المنزل- A domicile-.
وفسر المختصون صورية جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالتعليم الخصوص، وغيابها المثير، وسكوتها المطلق عما يحدث من عمليات دقيقة شرعنة لامتصاص دماء الأسر خصوصا باكادير وانزكان وتارودانت واشتوكة وتيزنيت بأساليب كثيرة، أهمها تسويق كتب أجنبية غالية الثمن، علما أن أعضاء هذه الجمعيات -حسب تصريحات مختصين- محتمل أنهم يستفيدون من امتيازات الإعفاء أو التخفيف من أداء المصاريف -التدريس، الكتب، التامين، النقل… – في مقابل السكوت المطبق وعدم التدخل بل الإنسحاب من الساحة وترك الأسر عرضة للإفتراس البشع والإبتزاز والتحكم، وأكدت ذات المصادر أن قدرة المدارس الخصوصية خارقة في تجميد دور هذه الجمعيات وتسخيرها وتغييبها عن الساحة، خلافا لما تنص عليه المادة 20 من أحكام القانون الإطار رقم 51/17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي تعتبرها شريكا استراتيجيا بارزا.
وتبقى الأسئلة المؤرقة هل راسلت أكاديمية سوس ماسة مديرية الإرتقاء بالتعليم الخصوصي في شأن الكتب المصادق عليها والكتب غير المصادق عليها خصوصا أن السوق السوداء للكتب الأجنبية بالجهة تعج بعشرات الكتب أم تم السكوت عن ذلك في خرق سافر لمقتضيات المراسلة الوزارية رقم 382/10 بتاريخ30 شتنبر2010 في شأن مراقبة الكتب بمؤسسات التعليم الخصوصي؟!وهل درست مديرياتها الإقليمية جدوى اعتماد الكتب الأجنبية؟!وإلى متى سيبقى استقرار منظومة التعليم الخصوصي رهين بالكتبي الموزع -والنموذج بعض المدارس الخصوصية بتيزنيت التي تفترس بدم بارد الأسر المكلومة تحت مسميات عدة- أمام مرأى ومسمع بعض عرابي النقابات المستفيدين من نصيبهم من الكعكة؟! ومتى سيفتح تحقيق في علاقة رئيس المشروع رقم “17” بتيزنيت بالمدارس الخصوصية خصوصا أن دوره برز بشكل رهيب في جمع أموال الإحسان بسكل غيرر قانوني من المدارس الخصوصية من خلال اتصاله المباشر بها تحت غطاء المساهمة لتغطية نفقات حفل التميز الأخير المنظم بقاعة العمالة، وما سماه المتتبعون لعملية تهريبه لعقيلته من مهامها الإدارية بإحدى المدارس الخصوصية بتيزنيت، ودسها في إحدى المدارس الخصوصية المرموقة بأكادير بعدما فاحت روائح كريهة من كثرة التساؤلات بمواقع السوشيال ميديا؟!ومتى ستكبح الإدارة جماح أحد مفتشي اللغة الفرنسية بتيزنيت-فتيتيش السلك الإبتدائي-، الذي يتعنت في خرق النصوص القانونية المؤطرة ويتفنن في تسويق واعتماد كتب أجنبية؟! ومتى ستضع حدا لتحركاته وتمييعه للمساطر الإدارية ولقطاع التعليم الخصوصي وتغوله وعنترياته في تدبير إحدى المؤسسات التي تحولت لمحمية، ووحش يمتص دماء الأسر مستعينا في ذلك بآليات جد معقدة منها علاقاته واستقباله في محميته لأبناء أغلب المسؤولين بالتعليم وابناء المسؤولين بباقي القطاعات كواجهة تسويقية سحق بها باقي المؤسسات لصالح محميته التي كثر عنها القيل والقال مؤخرا-موضوع تحقيق صحفي بتفاصل أدق سينشر قريبا- ؟!!!!
فبقدر ما كشفت هذه الظرفية الحرجة التي تمر منها بلادنا – توالي الضربات الموجعة لموجات جائحة كورونا الفتاكة- عن الجانب المشرق لدى الكثير من أبناء هذا الوطن الشرفاء-جنود الخفاء من أساتذة وطواقم صحية وأمنية ومساهمين…-، ممن أبانوا عن روح المواطنة الصادقة ومدى استعدادهم للتضحية في سبيل إنقاذ الوطن وتحصينه، من خلال تعدد أشكال التضحية والدعم والمبادرات الرائدة سواء الفردية أو الجماعية، بقدر ما أماطت اللثام عن حقيقة “الفيروسات” الآدمية الأخطر والأفتك من “كوفيد 19″، مما يستدعي من الدولة التدخل العاجل لتحصين وحماية المواطنين من سمومها، والتعجيل بفرض رقابة صارمة على سير أعمال “مؤسسات التعليم الخصوصي”والتصدي لجشع لوبيات وسماسرة القطاع الذي يدفع ثمنه الآباء والأمهات وأستاذات وأساتذة القطاع- يشتغلون بأثمنة زهيدة وجلهم غير مسجلين بالضمان الإجتماعي- والمنظومة التعليمية ككل، وعدم التساهل مع كل الممارسات غير المشروعة والمسيئة للعمل التربوي السليم ذي الأثر في المجتمع.