أحمد الجابري مراكش 13 يناير 2017
هما وجهان لعملة واحدة نادرة يسعيان بجد ودونما تأفف لإعلاء راية الثقافة الهادفة في مدينة شاعر الحمراء. وجهان تألقا ولا يزالان كل على منواله لاستقطاب فنانين وباحثين ومفكرين وشعراء ومبدعين حتى من أعمق الفجاج مساهمة منهما في نفض الغبار عن قطاع لا يوليه القائمون عليه الاهتمام والمكانة اللائقين به. هما رجلان لايتوانيان لحظة في الانخراط الفعلي بكل ما أتيح لهما من إمكانيات من أجل الإقلاع بالقطاع الثقافي وعيا منهما بضرورة جعله قاطرة ورافعة للتنمية والتعريف بما يزخر به المغرب من طاقات إبداعية تشمل كل الميادين. هما رجلان قاسمهما المشترك هو حب رفع التحديات و شغفهما الكبير بكل ما يمت بصلة إلى “غذاء الفكر والروح” ونضالهما غير المشروط من أجل تحقيق إشعاع ثقافي متميز بمدينة لطالما أثرى أبناؤها الحقل الثقافي بإبداعاتهم. هما وجهان غنيان عن التعريف فالأول شاعر وإعلامي متألق و رئيس مركز عناية للتنمية الاجتماعية السيد مصطفى غلمان والثاني رجل أعمال مرموق وأحد رواد “ظاهرة” ترميم وصيانة رياض المدينة العتيقة باعتبارها موروثا حضاريا يجب العمل على إنقاذه من الاندثار، إنه السيد عبد اللطيف آيت بنعبد الله الرئيس المدير العام ل “مراكش رياض” وصاحب المقهى الأدبي “دار الشريفة” ذو الصيت العالمي وأقدم منازل المدينة العتيقة بحيث يعود تاريخ بنائه إلى الحقبة السعدية (أواسط القرن السادس عشر الميلادي) ويعد معاصرا لمدرسة بن يوسف الشهيرة التي لا تفصلها عنه إلا أزقة معدودة.
شاءت الأقدار أن يلتقي الرجلان ليكتشفا أنهما يتشاطران نفس الهموم وليعقدا عزمهما على العمل سويا للتكفل بأنشطة ثقافية موضوعاتية كالتي احتضنتها دار الشريفة يومه 11 يناير 2017 حيث تسنى للحضور الوازن، المميز و المتعطش للعمل الثقافي الراقي السفر لما يقارب أربع ساعات في عالم الشعر والإيقاعات الموسيقية التي شدت الأنفاس وانصهرت لتولد عملا فنيا انسجم وتناسق إلى درجة الكمال مع رونق وأناقة دار الشريفة. جادت قرائح الشعراء والشواعر على اختلاف أغراضهم الشعرية بقصائد رافقتها الأنغام الشجية لأوتار عود الموسيقار الأستاذ عبد الحق وردي و ناي الأستاذ الفنان المصطفى الريحاني أقل ما يقال في حقها أنها أطربت وداعبت أحاسيس الحضور الجياشة والمرهفة.
فهل هذه المبادرة الحميدة تشكل النواة الأولى لشراكة مستمرة ومستدامة بين العملاقين راعيي الثقافة بالمدينة الحمراء مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية ودار الشريفة ؟