صفقة بمليار سنتيم لمواجهة آثار “الحشرة القرمزية” وإحياء زراعة “الهندية” بسوس

صرخة21 ديسمبر 2025
صرخة
أخبار وطنية
صفقة بمليار سنتيم لمواجهة آثار “الحشرة القرمزية” وإحياء زراعة “الهندية” بسوس

بعد أن تجاوز سعر الحبة الواحدة منه خمسة دراهم بعدما كان يوصف بفاكهة الفقراء، يعود الصبار إلى واجهة الاهتمام الرسمي والفلاحي من بوابة إقليم تيزنيت، في محاولة لإعادة الاعتبار لسلسلة إنتاج تضررت بشدة خلال العقد الأخير، ولإنقاذ مورد عيشي شكّل لسنوات طويلة دعامة اقتصادية واجتماعية لمناطق واسعة بسوس.

 

المعطيات المتوفرة تفيد بإطلاق برنامج لغرس ألف هكتار من الصبار بالجماعة الترابية أربعاء الساحل، في إطار مجهودات تروم تجديد هذه الزراعة وإعادة إدماجها في النسيج الفلاحي المحلي. المشروع يشمل عدداً من الدواوير والمناطق القروية التي عُرفت تاريخياً بإنتاج الصبار وتسويقه محلياً وجهوياً

.وحسب المعطيات نفسها، فقد جرى تقسيم الصفقة إلى خمسة أشطر أسند كل واحد منها إلى فاعل مهني، بكلفة تناهز مليوني درهم لكل شطر، ما يرفع الغلاف المالي الإجمالي إلى حوالي عشرة ملايين درهم، تتحملها المديرية الإقليمية للفلاحة بتيزنيت. ويُرتقب أن تشمل العملية إعداد الأراضي، وغرس الأصناف الجديدة، ثم مواكبة تقنية لضمان نجاح الزراعة واستدامتها.

 

ويأتي هذا الورش في سياق خاص، بعدما تعرضت زراعات الصبار بالمغرب، منذ سنة 2014، لاجتياح غير مسبوق للحشرة القرمزية، التي قضت على مساحات شاسعة قُدرت بمئات الآلاف من الهكتارات، خصوصاً بجهات سوس ماسة ومراكش آسفي وبني ملال خنيفرة. هذا الانهيار السريع دفع آلاف الفلاحين الصغار إلى التخلي عن هذه الزراعة، وأربك سلاسل التسويق والتحويل، قبل أن ينعكس بشكل مباشر على الأسعار التي قفزت إلى مستويات غير مسبوقة.

 

في المقابل، أفرزت سنوات من البحث العلمي والتجارب الميدانية نتائج وُصفت بالمشجعة، حيث تمكنت المصالح المختصة ومراكز البحث الفلاحي من تطوير ما يقارب عشر سلالات من الصبار أظهرت مقاومة عالية للحشرة القرمزية، مع الحفاظ على جودة الثمار ومردودية النبات. وتراهن السلطات الفلاحية اليوم على تعميم هذه الأصناف تدريجياً، ليس فقط لإعادة الإنتاج، بل أيضاً لتأمين استقرار الأسعار وحماية مورد اقتصادي ارتبط بالأمن الغذائي والدخل القروي.

 

ولا يُخفي مهنيون محليون أن نجاح هذا البرنامج سيظل رهيناً بسرعة التنفيذ، وجودة التأطير، وضمان مواكبة الفلاحين تقنياً وتسويقياً، خاصة في ظل ارتفاع الطلب الداخلي على فاكهة الصبار، وتنامي الاهتمام باستعمالاته التحويلية في مجالات التغذية والصناعات التجميلية. كما يراهن فاعلون محليون على أن يساهم المشروع في إعادة تشغيل اليد العاملة القروية، والتخفيف من آثار سنوات الجفاف وتراجع مداخيل الفلاحين الصغار.

 

في المحصلة، يبدو أن الصبار، الذي انتقل في سنوات قليلة من رمز للوفرة إلى سلعة نادرة وباهظة الثمن، يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة بتيزنيت، عنوانها الرهان على البحث العلمي والاستثمار العمومي لإحياء زراعة كادت تختفي، وإعادة التوازن إلى سوق ظلت لفترة طويلة رهينة التقلبات والآفات.

 

Breaking News