يشهد إقليم تاونات، خلال الأيام الأخيرة، أزمة حقيقية بسبب النقص الحاد في اليد العاملة الموسمية المتخصصة في جني الزيتون، أو ما يُعرف محلياً بـ”السقّاط”، وهو وضع بات يثير قلق الفلاحين ويهدد وتيرة الموسم الفلاحي الذي يعتمد عليه آلاف الأسر كمورد رئيسي للدخل.
فمع انطلاق موسم الجني، تفاجأ العديد من الفلاحين بغياب الأعداد الكافية من العمال، بعدما كانت الظروف المناخية المناسبة تبشّر بموسم جيد. ويُعزى هذا الخصاص إلى عدة عوامل، من بينها هجرة اليد العاملة المحلية نحو المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل أكثر استقراراً، إضافة إلى استقطاب عدد مهم من العمال من طرف الضيعات الكبرى خارج الإقليم، فضلاً عن ارتفاع الطلب على “السقاط” في مناطق أخرى تشهد موسم جني الزيتون في الفترة نفسها.
كما لا يخفي عدد من الفلاحين تذمرهم من ارتفاع أجور اليد العاملة، بعدما تجاوزت في بعض المناطق السقف المعتاد، ما يجعل كلفة الإنتاج مرهقة بالنسبة لصغار المنتجين، ويزيد من مخاوفهم بشأن القدرة على بيع المحصول بأثمنة تغطي مصاريف الجني والعصر.
وتؤكد فعاليات فلاحية أن هذا الوضع قد ينعكس سلباً على جودة المحصول، لأن التأخر في الجني يؤدي غالباً إلى تساقط الثمار أو تعرضها للتلف، ناهيك عن زيادة الضغط على معاصر الزيتون التي قد تستقبل كميات كبيرة في فترة وجيزة، مما يؤثر على جودة الزيت ويزيد من الازدحام.
وفي ظل غياب حلول هيكلية، يطالب الفلاحون بتدخل الجهات المعنية لإيجاد آليات تضمن توفير اليد العاملة الموسمية، سواء عبر تشجيع الشباب المحلي على العمل الموسمي، أو وضع برامج جهوية لتنظيم وتوزيع “السقاط” بشكل عادل بين المناطق، إضافة إلى تأطير هذه المهنة حتى تحافظ على استمراريتها ودورها الحيوي في الدورة الفلاحية بالإقليم.
ويبقى أمل الفلاحين في أن تتمكن السلطات والفاعلون في القطاع من احتواء الأزمة قبل أن تلقي بظلالها على واحد من أهم مواسمهم الفلاحية، خاصة وأن زيت الزيتون تمثل بالنسبة لعدد كبير من الأسر في تاونات مصدراً اقتصادياً أساسياً لا يمكن التفريط فيه.









