نورالدين الأزرق : تقرير لجنة بنعزوز حول التقاعد.. ملاحظات اولية

صرخة15 مارس 2017
صرخة
الرأيالرئيسية
نورالدين الأزرق : تقرير لجنة بنعزوز حول التقاعد.. ملاحظات اولية

نورالدين الأزرق (محلل و خبير مالي )–

قدمت ، يوم 13 مارس الجاري، لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد (المعروفة اختصارا بلجنة بنعزوز) المشكلة من طرف مجلس المستشارين ، تقريرها أمام الجلسة العامة لهدا المجلس المجتمع في دور استثنائية هده الايام.

التقرير وقف على مجموعة من الاختلالات وصاغ سبع توصيات. فماهي اذن اهم الاختلالت التي وقف عليها تقرير اللجنة؟ وما هي التصويات التي صاغها؟ سنحاول هنا تقديم هاته وتلك قبل ان نقدم بعض الملاحظات الشخصية حول هذا التقرير.

اولا: الاختلالات الاحدى عشر :

وقف تقرير اللجنة على ما ستجمعه في 11 اختلالا اعتبرها اساسية وتتمثل اساسا في :
– الارتباك في مسار الصندوق المغربي للتقاعد وخصوصا على مستوى وضعيته القانونية (تجميد وضعه كمؤسسة عمومية من 1956 الى 1996) وما ترتب عن ذلك من فقدان للاستقلاله المالي وخلط في وضعه المحاسباتي؛
– خرق القوانين المنظمة للمعاشات من خلال تمويل عجز نظام المعاشات العسكرية من فائض نظام المعاشات المدنية ووجود معاشات بدون سند قانوني واخرى تحوم حولها الشبهات؛
– القيام باصلاحات ترقيعية في غياب دراسات اكتوارية ولا رؤية استشرافية ودون القيام بدراسات للاثار المالية لكل اجراء، وسرد التقرير في هذا الصدد مختلف مراحل الاصلاح الى حدود الاصلاح المقياسي سنة 2016؛
– عدم الاخذ بعين الاعتبار توصيات اللجنة التقنية الوطنية المتمثلة اساسا في الاصلاح الشمولي للانظمة والوقوف فقط عند الاصلاح المقياسي؛
– اخفاء الحكومات للديون المستحقة على الدولة لفائدة نظام المعاشات المدنية وهو ما اثر سلبا على المفاوضات الاجتماعية؛
– عدم احتساب الفوائد المستحقة على الديون المتاخرة على الدولة؛
– عدم واقعية الحياد المالي لعملية المغادرة الطوعية ووجود صعوبة في تدقيق وحصر اثارها قبل متم سنة 2063؛
– تقييد جزء كبير من المحفظة المالية للصندوق بسندات الخزينة يؤدي الى ضعف مردوديتها؛
– سوء حكامة الصندوق من خلال غياب الفصل بين محاسبات النظامي المدني والعسكري وتعدد المتدخلين وغياب الية القيادة واليقظة وتتبع التوقعات والمخاطر؛
ثقل الكلفة المالية الناتجة عن تاخر الاصلاح المقياسي منذ 1994؛
– ضعف المعطيات والبيانات المتوفرة لدى الصندوق مقارنة بتلك الموجودة لدى الخزينة العامة للمملكة مع غياب الية لتتبع صدقية هاته البيانات والارقام.

ثانيا: سبع توصيات :

بعد ان وقفت لجنة بنعزوز على هذه الاختلالات صاغت سبع توصيات نوردها كما يلي:
1- ضرورة اداء الدولة لما بذمتها من مستحقات للصندوق وخاصة نظام المعاشات المدنية مع احتساب الفوائد وتسديدها للتسبيقات المحولة من هذا النظام لنظام المعاشات العسكرية؛
2- جعل الحوار الاجتماعي اطارا لتحديد حجم هذه المتاخرات ووضع السيناريوهات الضرورية لانجازها؛
3- تجميد الاصلاح المقياسي وتفعيل الاصلاح الشمولي كما اوصت بذلك اللجنة التقنية الوطنية؛
4- تطوير حكامة الصندوق من خلال ضمان استقلاليته وضبط صدقية بياناته مع الخزينة العامة للمملكة ومراجعة الاطار القانوني المنظم لللمحفظة المالية بما يساهم في تنويع الاستثمارات ويحفظ من المخاطر؛
5- احداث نظام خاص بالتعويضات العائلية يمول من طرف الدولة على غرار الانظمة غير المساهمة؛
6- مراجعة نسبة المساهمة بين الدولة والمنخرطين على قاعدة الثلثين مقابل الثلث؛
7- تسجيل المقر الرئيسي للصندوق ضمن استثمارات واسهم نظام المعاشات المدنية.

تلكم خلاصة التقرير الذي قدمته اللجنة امام جلس المستشارين بعد عمل دام مدة 79 ساعة و28 دقيقة في اجتماعات ناهزت 37 اجتماعا وجلسة استماع، قدمناها هنا بشكل مقتضب ودون المساس بجوهر ماورد فالتقرير من صياغات لغوية وبناء فكري.

ثالثا: ملاحظات عامة و اولية :

فما هي الملاحظات الاولية التي يمكن ان نتقدم بها حول هذا التقرير؟ اربع ملاحظات اساسية نسوقها هنا مع التنويه الى انه سبق لنا ان قدمنا قراءة متكاملة لاصلاح انظمة التقاعد في اربع حلقات مطولة مباشرة بعد بداية حديث الحكومة عن استراتيجية اصلاحها للتقاعد بالمغرب.

الملاحظة الاولى :

تهم اساسا الاحقية القانونية للجنة تقصي الحقائق النيابية في تقديم توصيات وخصوصا ما ارتبط بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 67 من الدستور والمادة الثانية من القانون التنظيمي الخاص بلجن تقصي الحقائق النيابية والتي تنص على ان اللجن النيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع معطيات المرتبطة بوقائع معينة او بتدبير المصالح والمؤسسات والمقاولات العمومية و اطلاع المجلس عليها.

الملاحظة الثانية :

القراءة المتأنية للتقرير تمكن من احساس بأن صياغته خضعت للكثير من العاطفة من جهة ، ومن محاولة رد الفعل من جهة ثانية ، على اعتبار ما عرفه مجلس المستشارين والفاعلين الاجتماعيين المكوننين له من ضغط من طرف الحكومة لتمرير القوانين المتعلقة بالاصلاح ومن توجاوزها للحوار الاجتماعي كآلية لبحث الحلول الممكنة لوضعية الصندوق. للاشارة هذا الاحساس لا ينتقص من قيمة العمل والمعطيات المتوفرة في التقرير في شيء.

الملاحظة الثالثة :

نعتبر من خلالها ان التقرير صاغ مجموعة من التوصيات الايجابية على المستوى الاجتماعي الا أنه لم يقدم أي اقتراح في كيفية تنفيذها واشكال تمويلها وسيناريوهات تنزيلها ورمى بكل ذلك في سلة الحوار الاجتماعي او على عاتق ميزانية الدولة بالرغم من ان صائغي التقرير يعرفون حق المعرفة ان هذه الميزانية تمول من جيوب دافعي الضرائب الذين هم المواطنون الذين انتخبوا اعضاء اللجنة نفسها.

الملاحظة الرابعة :

تهم طبيعة كل التوصيات المقدمة والتي لم ترقى لا في صياغتها ولا في اهدافها ، لا الى مستوى التوصيات التي قدمها تقرير المجلس الاعلى للحسابات في الموضوع ولا الى حيثيات الدراسة التي قام بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبالبيئي عند تقديمه لرأيه في القوانين التي احالتها عليه الحكومة ولا حتى الى الخلاصات العامة التي وصلت اليها اللجنة التقنية الوطنية لاصلاح انظمة التقاعد.

(تحرير : علي بوجيدة )
الاخبار العاجلة