مصطفى الفن
عندما أطاح عزيز أخنوش قبل أربع سنوات ببنكيران من رئاسة الحكومة، وجيء بالعثماني مكان بنكيران، فقد حصل عند أخنوش ما يشبه هذا “الاقتناع”:الزعامة السياسية سهلة ولا تتطلب تقريبا أي شيء..وطبيعي أن تكبر مثل هذه “الأساطير المؤسسة للزعامة” في وجدان رجل تاجر مثل أخنوش.وكيف لا تكبر هذه الأساطير عند أخنوش وقد استطاع أن “يحنت” بنكيران في قضية دخول الاتحاديين إلى حكومة العثماني ضدا على إرادة العثماني نفسه.بل ضدا على إرادة حزب “البيجيدي” ووزرائه وبنكيرانه، الذي قال في تجمع خطابي بالواليدية: “إيلا دخل إدريس لشكر إلى الحكومة راني ماشي عبد الإله بنكيران”.
وبالطبع، فقد شعر أخنوش بالإنتشاء و”العلو في الأرض” وهو يطيح ببنكيران، الذي كان، وقتها، أقوى رجل سياسي في المغرب.أخنوش فعل كل هذا، وهو، تقريبا، بلا ماض سياسي، لكنه تمكن من “هزم” بنكيران زعيم أكبر حزب سياسي في المغرب، وصاحب مسار سياسي طويل فاق 40 سنة.
وكم أخطأ أخنوش عندما فهم السياسة وصراعاتها ودسائسها بلون واحد هو لون “مخطط المغرب الأخضر”.أقصد أن أخنوش توهم أن المغرب “أرض قاحلة”، وأن السماء اختارته ليحرثها طولا وعرضا فقط لأنه أطاح ب”الوحش” وشكل حكومة على مقاسه ومزاجه.
لكن أخنوش نسي الأهم، ونسي حقيقته، وهو أنه مجرد “بديل عرضي” في مهمة لكن بلا احتضان شعبي.
بل إنه نسي أيضا أن المخزن قد يتغذى حتى من معارضيه، فكيف لا يأكل واحدا من أبنائه في “أوقات الشدة” التي تتطلب الانحياز إلى مطالب الشعب؟اللافت أكثر، فقد توهم أخنوش أيضا أن ربح الانتخابات وتسيير حكومة لن يكلفه أي شيء، لأن “الكل” معه.. وفي مقدمة هذا “الكل” عقل السلطة وقلبها..وفات زعيم الأحرار أن ينتبه إلى “حقيقة تاريخية” وهي أن السلطة بلا قلب وبلا مشاعر وتكره الحب وتعادي الرومانسية.
أخنوش أخطأ أيضا عندما توهم أن “الزعامة السياسية” ليست مسارا شاقا يبنى “حجرة بحجرة”.. الزعامة السياسية، بالنسبة إلى أخنوش، هي مجرد “سر” قد ينزل، ليلا، من “الفوق”..أما الذين يوجدون “التحت” ومعهم كل الأصوات المشوشة فيمكن، في نظره، إسكاتهم بدفاتر الشيكات..